ا- الجبهة الأولى: أو الدواعي والعوامل في حفظ الصحابة للكتاب والسنة ونقلهم لهما
ولنبدأ بشرح العوامل والدواعي التي يسرت للصحابة حفظ الكتاب والسنة ونقلهما حتى لا يستبعد ذلك عليهم أحد ولا يطعن في الكتاب والسنة عن هذا الطريق أحد:
العامل الأول
أنهم كانوا أميين لا يعرفون القراءة ولا يحذقون الخط والكتابة اللهم إلا نزر يسير لا يصاغ منهم حكم على المجموع. وترجع هذه الأمية السائدة فيهم إلى غلبة البداوة عليهم وبعدهم عن أسباب المدنية والحضارة وعدم اتصالهم اتصالا علميا وثيقا بالأمتين المتحضرتين في العالم لذلك الحين: أمة الفرس في الشرق وأمة الروم في الغرب. ومعلوم أن الكتابة والقراءة وامحاء الأمية في أية أمة رهين بخروجها من عهد السذاجة والبساطة إلى عهد المدنية والحضارة.
ثم إن هذه الأمية تجعل المرء منهم لا يعول إلا على حافظته وذاكرته فيما يهمه حفظه وذكره. ومن هنا كان تعويل الصحابة على حوافظهم يقدحونها في الإحاطة بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ لأن الحفظ هو السبيل الوحيدة أو الشبيهة بالوحيدة إلى إحاطتهم بهما.
ولو كانت الكتابة شائعة فيهم لاعتمدوا على النقش بين السطور بدلا من الحفظ في الصدور.