أغلاطهم التي وقعوا فيها ويرشدهم إلى شاكلة الصواب. كقوله سبحانه في سورة آل عمران ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ إلى آيات كثيرة بعدها. وكلها نزلت في غزوة أحد تدل المسلمين على خطئهم في هذا الموقف الرهيب وتحذرهم أن يقعوا حينا آخر في مثل ذاك المأزق العصيب.
وعلى هذا النمط نزلت سور في القرآن وآيات تفوت العدد وتجاوز الإحصاء.
وإذا تجولت في رياض الحديث النبوي الشريف يطالعك منه العجب العاجب في هذا الباب. انظر قصة المخزومية التي سرقت وقول الرسول ﷺ لمن شفع فيها: "وايم الله لو أن بنت محمد سرقت لقطعت يدها" رواه أصحاب الكتب الستة. ثم تأمل حادث تلك المرأة الجهنية التي أقرت بزناها بين يدي رسول الله ﷺ وهي حبلى من الزنا كيف أمر الرسول فكفلها وليها حتى وضعت حملها ثم أتى بها فرجمت ثم صلى رسول الرحمة عليها. ولما سئل صلوات الله وسلامه عليه كيف تصلي عليها وهي زانية. قال: "إنها تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم". وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟ رواه مسلم. وتدبر الحديث المعروف بحديث جبريل وفيه يسأل جبريل رسول الله ﷺ عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها على مرأى ومسمع من الصحابة. وقد قال لهم أخيرا: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". أخرجه الخمسة غير البخاري. والناظر في السنة يجدها في كثرتها الغامرة تدور على مثل تلك الوقائع والحوادث والأسئلة.
وقد قرر علماء النفس أن ارتباط المعلومات بأمور مقارنة لها في الفكر تجعلها أبقى على الزمن وأثبت في النفس فلا بدع أن يكون ما ذكرنا داعية من دواعي حفظ الصحابة لكتاب الله وسنة رسوله ﷺ على حين أنهم هم المشاهدون لتلك الوقائع والحوادث المشافهون بخطاب الحق المواجهون بكلام سيد الخلق في هذه المناسبات الملائمة والأسباب