العامل الحادي عشر
الترغيب والترهيب اللذان يفيض بهما بحر الكتاب والسنة ولا ريب أن غريزة حب الإنسان لنفسه تدفعه إلى أن يحقق لها كل خير وأن يحميها من كل شر سواء ما كان فيهما من عاجل وما كان من آجل ومن هنا تحرص النفوس الموفقة على وعي هداية القرآن وهدي الرسول وتعمل جاهدة على أن تحفظ منهما ما وسعها الإمكان.
أما النفوس الضالة المخذولة فإنها مصروفة عن هذه السعادة بصوارف الهوى والشهوة أو محجوبة عن هذا المقام بحجاب التعصب والجمود على الفتنة أو مرتطمة بظلام الجهل في أوحال الضلال والنكال.
ولسنا بحاجة أن نلتمس شواهد الترغيب والترهيب من الكتاب والسنة فمددها فياض بأوفى ما عرف العلم من ضروب الترغيب والترهيب وفنون الوعد والوعيد وأساليب التبشير والإنذار على وجوه مختلفة واعتبارات متنوعة في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق على سواء.
وهاك نموذجا من ترغيبات القرآن وترهيباته على سبيل التذكير والذكرى تنفع المؤمنين.
يقول تبارك اسمه في سورة واحدة هي سورة السجدة {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ، قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ، وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ، وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي