بالحوفي المتوفى سنة ٣٣٠ هـ اسمه البرهان في علوم القرآن. وهو يقع في ثلاثين مجلدا والموجود منه الآن خمسة عشر مجلدا غير مرتبة ولا متعاقبة من نسخة مخطوطة. وإذن نستطيع أن نتقدم بتاريخ هذا الفن نحو قرنين من الزمان أي إلى بداية القرن الخامس بدلا من القرن السابع. ولقد كنت مشغوفا أن أقرأ مقدمة كتابه هذا لآخذ اعترافا صريحا منه بمحاولته إنشاء هذا العلم الوليد. ولكن ماذا أصنع والجزء الأول مفقود غير أن اسم الكتاب يدلني على هذه المحاولة. وكذلك استعرضت بعض الأجزاء الموجودة فرأيته يعرض الآية الكريمة بترتيب المصحف ثم يتكلم عليها من علوم القرآن خاصا كل نوع منها بعنوان فيسوق النظم الكريم تحت عنوان: القول في قوله عز وجل. وبعد أن يفرغ منه يضع هذا العنوان: القول في الإعراب ويتحدث عنها من الناحية النحوية واللغوية: ثم يتبع ذلك بهذا العنوان القول في المعنى والتفسير ويشرح الآية بالمأثور والمعقول. ثم ينتقل من الشرح إلى العنوان الآتي: القول في الوقف والتمام مبينا تحته ما يجوز من الوقف وما لا يجوز. وقد يفرد القراءات بعنوان مستقل فيقول القول في القراءة. وقد يتكلم في الأحكام الشرعية التي تؤخذ من الآية عند عرضها ففي آية ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ من سورة البقرة يذكر أوقات الصلاة وأدلتها وأنصبة الزكاة ومقاديرها. ويتكلم على أسباب النزول وعلى النسخ وما إلى ذلك عند المناسبة. فأنت ترى أن هذا الكتاب أتى على علوم القرآن ولكن لا على طريقة ضم النظائر والأشباه بعضها إلى بعض تحت عنوان واحد لنوع واحد بل على طريقة النشر والتوزيع تبعا لانتشار الألفاظ المتشاكلة في القرآن وتوزعها. حتى كأن هذا التأليف تفسير من التفاسير عرض فيه صاحبه لأنواع من علوم القرآن عند المناسبات. وأيا ما يكن هذا الكتاب فإنه مجهود عظيم ومحاولة جديرة بالتقدير في هذا الباب. جزى الله مؤلفه خير الجزاء.