الشريف إلى أول ربيع الأول سنة ٥٤ منه. أما مدة إقامته في المدينة بعد الهجرة فهي تسع سنوات وتسعة أشهر وتسعة أيام من أول ربيع الأول سنة ٥٤ من مولده إلى تاسع ذي الحجة سنة ٦٣ منه. ويوافق ذلك سنة عشر من الهجرة. وهذا التحقيق قريب من القول بأن مدة إقامته في مكة ثلاث عشرة سنة وفي المدينة عشر سنين وأن مدة الوحي بالقرآن ثلاثة وعشرون عاما.
لكن هذا التحقيق لا يزال في حاجة إلى تحقيقات ثلاثة ذلك لأنه أهمل من حسابه باكورة الوحي إليه ﷺ عن طريق الرؤيا الصادقة ستة أشهر على حين أنها ثابتة في الصحيح. ثم جرى فيه على أن ابتداء نزول القرآن كان ليلة السابع عشر من رمضان وهي ليلة القدر على بعض الآراء غير أنه يخالف المشهور الذي يؤيده الصحيح ثم ذهب فيه مذهب القائلين بأن آخر ما نزل من القرآن هو آية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ وذلك في تاسع ذي الحجة سنة عشر من الهجرة وسترى في مبحث آخر ما نزل من القرآن أن هذا المذهب غير صحيح.
دليل تنجيم هذا النزول
والدليل على تفرق هذا النزول وتنجيمه قول الله تعالت حكمته في سورة الإسراء: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ وقوله في سورة الفرقان: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾. روي أن الكفار من يهود ومشركين عابوا على النبي ﷺ نزول القرآن مفرقا واقترحوا عليه أن ينزل جملة فأنزل الله هاتين الآيتين ردا عليهم وهذا الرد يدل على أمرين: