اشتغل ابن هبيرة منذ صغره بالعمل والتكسُّب بدافع الفقر والحاجة، فخدم في دار الخلافة كاتباً ثم تدرج في الخدمة حتى بان للمقتفي كفاءته فقلده الوزارة(١).
وكان ابن هبيرة يطمح لتحصيل المناصب ليجعلها خدمة للعلم وأهله، فقد قال عن نفسه: (( لقد كنت أسأل الله تعالى الدنيا؛لأخدم بما يرزقنيه العلم وأهله(٢))).
وسبب تقليد ابن هبيرة الوزارة ما رآه المقتفي من مبالغة ابن هبيرة في تحصيل التعظيم لدولة بني العباس، وإقامة ملكهم، وما أظهره في أعماله من أمانة وقدرة ونصح وكفاية، فاستدعاه الخليفة المقتفي وقلَّده الوزارة في احتفال عظيم يوم الأربعاء الثالث من ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وخلع عليه، وقرىء عهده، وبُولغ فيه بمدحه والثناء عليه، وخُوطب بالوزير العالم العادل عون الدين جلال الإسلام صفي الإمام، ومشى أرباب الدولة وأصحاب المناصب بين يديه وهو راكب، وحضر القراء والشعراء، وكان يوماً مشهوداً(٣).
وبعد أن تقلَّد الوزارة جعل مجلسها مجلساً علمياً، وبالغ في إكرام العلماء وولاهم المناصب وارتفع به أهل السنة غاية الارتفاع، ولم تزل مجالسه مشحونة بالعلماء والمذاكرة حتى توفي(٤).
وقد أثنى عليه الخليفة المقتفي فقال: (( ما وزر لبني العباس مثله(٥))).

(١) ينظر: الكامل(٩/٣٦٤، ٣٦٣)، البداية والنهاية(١٢/٢٢٥)، الذيل على طبقات الحنابلة(١/٢٥٣)
(٥)ينظر: المقصد الأرشد(٣/١٠٩)، شذرات الذهب(٤/٢٦٤)، كشف الظنون(٢/١١٢٧)
(٥) الذيل على طبقات الحنابلة(١/٢٥٨)...


الصفحة التالية
Icon