ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى:﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ (القمر: ٤٩): (( فأما من تعلَّق بقراءة شاذة وهي رفع (كُلّ)، فإنها قراء ضعيفة؛لأن معناها: إنا كل شيء خلقناه فهو بقدر. وهذا لا يُرتضى معناه(١))).
خامساً: يوجِّه القراءات غالباً من جهة المعنى واللغة والإعراب.
مثال ذلك قوله: (( واتفقت الجماعة على فتح الصاد من قوله تعالى: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ وهو أول المواضع، وقرأ الكسائي جميع ما أتى بعده من القرآن في:﴿ الْمُحْصَنَات﴾ و ﴿ مُحْصَنَات ﴾ بكسر الصاد وجملته سبعة مواضع، ثلاثة في هذه السورة بعد الأول المجمع على فتحه، وموضعان في المائدة، وموضعان في النور، وقرأ الباقون بفتح الصاد كالأول.
الأصل في ذلك أن الرجل إذا تزوج المرأة أحصنها، ومعنى أحصنها أعفّها فصار لها حصناً مانعاً، فهذه القراءة هي الأصل أن تكون ﴿ الْمُحْصَنَات ﴾ مفعولات لأن الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم(٢))).
وما ذكره عند قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ (( القراء السبعة اتفقوا على نصب ﴿ كُلَّ ﴾ وتقدير نصبه بفعل محذوف معناه: إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر(٣))).
المبحث الثاني: تفسيره القرآن بالسنة:
تفسير القرآن بالسنة هو المصدر الثاني من مصادر التفسير، قال الله تعالى لنبيه: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (النحل: من الآية٤٤).
وهذا نصٌّ صريح في بيان الرسول - ﷺ - للقرآن.
قال ابن تيمية: (( فإن أعياك ذلك-أي تفسير القرآن بالقرآن-فعليك بالسنة فإنها شارحةٌ للقرآن وموضِّحةٌ له(٤))).
(٢) الإفصاح(الجزء الخامس[مخطوط]٨١ب، ٨٢أ)...
(٣) الإفصاح(٨/١٩٣)...
(٤) مجموع الفتاوى(١٣/١٩٥)...