ومن ذلك قوله: (( إذا أراد الإنسان البر كان معيار ذلك إخراجه ما يحب ؛لقوله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ ﴾ فذكر البر(بالألف و اللام) المستغرق للجنس أو المعهود وهذا من جوده، فلو أنه-عز وجل- قال:(لن تنالوا براً حتى تنفقوا مما تحبون). لكان يسد عليهم في كل الحالين؛ لأنهم لم يكونوا ينالوا براً حتى ينفقوا كل ما يحبون، ولكن لما قال- سبحانه-: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ ﴾ بانَ أنه أراد البر المعهود، والمستغرق للجنس حتى ينفقوا مما يحبون أي: شيئاً مما يحبون يعني شيئاً ما، تخفيفاً وتيسيراً من الجهتين(١))).
وفي قوله تعالى:﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ (القصص: من الآية٢٥). قال ابن هبيرة: (( فيقال: إنه قال لها: إني أمشي بين يديك وكوني دليلتي من ورائي لتذكري لي الطريق يميناً وشمالاً؛كراهية أن يمشي وراء امرأة فتصف الريح بدنها، وهذا يدل عليه نص القرآن في قوله-عز وجل-: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ﴾ وكان هو أولهما لقاء له(٢))).
وقال أيضاً: (( (إنْ) الخفيفة تأتي في كلام العرب بمعنى(ما) النافية، كقوله-عز وجل-: ﴿ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَاراً ﴾ ومعناه: ما يريدون. وقوله: ﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ (فاطر: من الآية٢٤). أي: ما من أمة إلا خلا فيها نذير. واستعمال (إنْ) بمعنى (ما) في كلام العرب لا يحصي كثرته إلا الله تعالى(٣))).
ثالثاً: إيراده للإعراب والمسائل التصريفية ونقله عن أئمة اللغة والنحاة:

(١) الإفصاح(٥/٨١، ٨٠)...
(٢) الإفصاح(٣/١٧٣)...
(٣) الإفصاح(١/٢٠٦)...


الصفحة التالية
Icon