وقال: (( قال أبو عبيد: يقال: عفا الشعر وغيره يعفو، فهو عافٍ إذا كثر. ومنه قوله تعالى: ﴿ حَتَّى عَفَوْا ﴾ أي كثروا، وكثرت أموالهم(١))).
رابعاً: إشارته بكثرة إلى بلاغة الألفاظ:
ومن أمثلته ما ذكره عند قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ (الإسراء: من الآية٢٤) إذ يقول: (( وهذا لما كان في حق الوالدين يتوجه أن يُؤتى فيه بذكر الذُّلِّ، فلما كان الخطاب مع النبي - ﷺ - وعطفه على المؤمنين لم يقل: جناح الذُّل. بل قال: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ ﴾ يعني-جل جلاله-: جناح عطفك ورأفتك ورفقك وتعظيمك ولطفك ورفدك، وكل حسن من أوصافك، فإنه داخل تحت ذلك، قرنه بكاف الخطاب(٢))).
وقال: (( قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً ﴾ (الإسراء: ٤٥). أهل التفسير يقولون: ساترا. والصواب حمله على ظاهره، وأن يكون الحجاب مستورا عن العيون فلا يُرى؛وذلك أبلغ(٣))).
وفي قوله تعالى: ﴿ قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ (القصص: من الآية٢٣). يقول ابن هبيرة: (( وقولهما: ﴿ لا نَسْقِي ﴾ أبلغ من أن لو قالتا: لم نسق؛فإن قولهما :﴿ لا نَسْقِي ﴾ أي: هذا دأْبٌ لنا وعادة(٤))).
(٢) الإفصاح(٦/١٢٦)...
(٣) الذيل على طبقات الحنابلة(١/٢٦٥)...
(٤) الإفصاح(٣/١٧١)...