وقد كان رحمه الله وقع في بداية طلبه للعلم في تأويل بعض الصفات، ولم يتحرر سلفياً إلا بعد لقائه وملازمته لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهذا ما يظهر من خلال أبيات له في "الكافية والشافية"، حيث قال رحمه الله (١) :
يا قومُ والله العظيم نصيحةٌ | من مشفقٍ وأخٍ لكم معوان |
جرّبتُ هذا كلَّه ووقعتُ في | تلك الشباك وكنتُ ذا طيران |
حتى أتاح ليَ الإلهُ بفضله | من ليس تجزيه يدي ولساني |
حَبرٌ أتى من أرض حرّانٍ فيا | أهلاً بمن قد جاء من حرّان |
فالله يجيزيه الذي هو أهله | من جنة المأوى مع الرضوان |
أَخَذَتْ يداه يدي وسار فلم يَرمْ | حتى أراني مطلع الإيمان |
وبعد اتصاله بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على وجه الخصوص، وبغيره من العلماء المجتهدين الكبار، وبعد أن رسخت قدمه في العلم أصبح مجتهداً، وحظه من المذهب الحنبلي ما أيده الدليل، وليس التقليد.
وقد اتخذ طريقاً وسطاً ؛ فلم يجفو عن اتباع الأئمة الأربعة كبعض المغالين في التحذير من المذاهب الفقهية، ولم يغلو في تقليد المذهب كما يفعله متعصبة المذاهب، بل تراه يحكي أقوال أصحاب المذاهب الأربعة، ويستأنس بهم، ويورد المذهب الحنبلي، ويخالفه إن خالف الدليل، كما رجح كثيراً من المسائل المخالفة للمذهب.
(١) القصيدة النونية ص١٨٠-١٨١، ٢/٦٨ -٧٤ مع شرح ابن عيسى.