؟ والثاني: قوله تعالى: ﴿ وطعام الذين أوتوا الكتب حلّ لكم.. ﴾[المائدة: ٥].
وقد أجاب الشيخ عن ذلك من وجوه:
؟ الوجه الأوّل: أنّ قوله تعالى:﴿ وما أهلّ لغير الله به..﴾ عموم محفوظ، لم تُخصَّ منه صورة. بخلاف قوله تعالى: ﴿ وطعام الذين أوتوا الكتب..﴾؛ فإنّه ليس على إطلاقه، فهو مقيّد بالذكاة المبيحة، فلو ذكّى الكتابيّ في غير المحلّ المشروع، لم تبح ذكاته.
؟ الوجه الثاني: أنّه قد تعارض دليلان: حاظر ومبيح، فقدّم الحاظر.
؟ الوجه الثالث: أنّ الذبح لغير الله، وباسم غيره، معلوم يقيناً أنّه ليس من دين الأنبياء ـ عليهم السلام ـ فهو من الشرك الذي أحدثوه. فالمعنى الذي لأجله حلّت ذبائحهم منتفٍ في هذا.
؟ الوجه الرابع: أنّ قوله تعالى: ﴿ وما أهلّ لغير الله به..﴾ ظاهره أنّه ما ذبح لغير الله، مثل أن يقال: هذه ذبيحة لكذا. وإذا كان هذا هو المقصود، فسواء لفظ به أو لم يلفظ. وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للّحم وقال فيه: باسم المسيح ونحوه. كما أنّ ما ذبحناه نحن متقربين به إلى الله ـ سبحانه ـ كان أزكى وأعظم ممّا ذبحناه للّحم وقلنا عليه باسم الله.. فإذا حرم ما قيل فيه: باسم المسيح أو الزهرة؛ فلأن يحرم ما قيل فيه: لأجل المسيح والزهرة، أو قصد به ذلك، أولى(١).
الدراسة والترجيح:
وافق الشيخُ في ذلك قولَ عامّة المفسّرين، كالطبريّ(٢)، والنحّاس(٣)،
(٢) ينظر: جامع البيان: ٤/٤٠٧.
(٣) ينظر: معاني القرآن ( مكّة: جامعة أمّ القرى ): ٢/٢٥٥.
والنحّاس هو: أبو جعفر، أحمد بن محمّد بن إسماعيل المصري، النحوي. إمام العربيّة في زمانه، من كتبه: إعراب القرآن، ومعاني القرآن. مات سنة: ثمان وثلاثين وثلاث مئة. ( ينظر: سير أعلام النبلاء: ١٥/ ٤٠١، وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي (القاهرة: مكتبة الحلبي ): ١/ ٣٦٢.