في قوله تعالى: ﴿وما ذبح على
النصب﴾، قال: " ﴿.. وما ذبح على النصب.. ﴾، و ﴿.. ما أهلّ لغير الله به..﴾، وهو واحد "(١). وكلام الحقّ ـ سبحانه ـ منزّه عن مثل هذا، لا سيّما واللفظان قد وردا في آية واحدة. لكن؛ يحمل قول ابن زيد ـ رحمه الله ـ على أنّ قوله تعالى: ﴿.. وما ذبح على النصب ﴾ جزء من قوله: ﴿.. وما أهلّ لغير الله به..﴾، وعليه أيضاً يحمل قول الشيخ بأنّ اللفظ يحتمله، فيكون من باب عطف الخاصّ على العامّ.
واختار ذلك ابن عطيّة في تفسيره، وذكر أنّ سبب تخصيص النُّصب بالذكر: " شهرة الأمر، وشرف الموضع، وتعظيم النفوس له "(٢).
وبهذا يكون ما اختاره الشيخ في معنى الآية هو الراجح.
٥، ٦ ـ قوله تعالى: ﴿وطعامُ الذين أوتوا الكتبَ حلّ لكم.. ﴾[المائدة: ٥].
فيه مسألتان:
؟ الأولى: المراد بالطعام.
؟ الثانية: المراد بالذين أوتوا الكتاب.
المسألة الأولى: المراد بالطعام:
اختار الشيخ ـ رحمه الله ـ عموم لفظ الطعام في جميع ما يؤكل من فاكهة ولحم وغيرهما، لكنّ تناوله للّحم ونحوه أقوى من تناوله للفاكهة ونحوها(٣).
الدراسة، والترجيح:
حاصل الأقوال في المراد بالطعام في هذه الآية ثلاثة:
؟ أحدها: العموم في جميع الطعام، لكنّ تناوله للّحم أقوى، وهو الذي اختار الشيخ.
؟ الثاني: العموم إلا ما استثنى الله من ذبائحهم من الشحوم المحضة ونحوها.
؟ الثالث: أنّ المراد الفواكه والحبوب ونحوها. ولا يدخل في ذلك اللّحم.
وقد وافق الشيخ ـ رحمه الله ـ قول عامّة المفسّرين في أنّ المراد بطعام أهل الكتاب: عموم ما يؤكل من الذبائح وغيرها، ولم يستثنوا شيئاً من ذبائحهم(٤)،
(٢) المحرّر الوجيز: ٤/٣٤١.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى: ٣٥/٢١٧.
(٤) ينظر: جامع البيان: ٤/٤٤٢، وأحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٣٢٢. والوجيز: ١/ ٣٠٩، وأحكام القرآن
لابن العربي: ٢/٧٧٠، والجامع لأحكام القرآن للقرطبيّ ( بيروت: دار إحياء التراث العربي ): ٧/١٢٦، ومدارك التنزيل: ١/٢٧٠.