أهميّة هذا الموضوع لا تخفى على طالب علم، فضلاً عن عالم. فإنّ شيخ الاسلام ـ رحمه الله ـ يمثّل مدرسة في التفسير كما سيأتي، وهو عالم مجتهد لا يكتفي باجتهاد مَنْ سبقه من الأئمّة، بل ربّما استدرك على بعض أقوالهم واجتهاداتهم، فصحّح ورجّح، هذا مع وقوفه عند نصوص الكتاب والسنّة، وحرصه على أقوال السلف، وفهمهم للنصوص.
ويزداد هذا الموضوع أهميّة، كون الشيخ ـ رحمه الله ـ لم يؤلّف تفسيراً مستقلاً للقرآن، ولم يُجمع تفسيره جمعاً مستوعباً، فتفسيره مبثوث في ثنايا كتبه، مع ما عُرف عن الشيخ من استطراد في كثير من المسائل، فتمييز تفسيره ـ واختياراته وترجيحاته على وجه الخصوص ـ يتطلّب جهداً علميّاً موثّقاً، يكون مرجعاً معتمداً للباحثين والدارسين.
وقد حاول بعض الباحثين جمع تفسير الشيخ في سفر مستقلّ، لكنّهم لم يستوعبوه، وأدخل بعضهم فيه ما ليس منه، وذلك لتفرّق تفسير الشيخ في بطون كتبه، وصعوبة العثور على بعضه إلا بالقراءة المركّزة. وقد أشار إلى ذلك الباحث ناصر الحميد في رسالته: ( ابن تيمية ومنهجه وأثره في التفسير )، فقال(١): " ولماّ كان تفسيره لا يجمعه كتاب واحد ؛ فإنّ هناك صعوبة في الاستفادة منه، ولهذا كان من النّادر أن نجد له رأياً في كتب التفسير التي ألّفت بعده..".
أسباب اختيار هذا الموضوع: