يرى بعض الباحثين أنّ الاختيار والترجيح بمعنى واحد(١)، والذي اخترته في هذا البحث هو التفريق بينهما، وقبل الحديث عن الفرق بينهما، يتعيّن أوّلاً تعريف كلّ منهما:
تعريف الاختيار والترجيح:
الاختيار في اللغة مصدر اختار ـ على وزن افتعل ـ من الخير، وهو التخيّر والانتقاء والاصطفاء. ومنه قوله تعالى: ﴿ واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقتنا.. ﴾[ الأعراف: ١٥٥]، أي: اصطفى منهم، وانتقى سبعين رجلاً(٢).
وعرّفه بعضهم بأنّه: " طلب ما فعله خير"(٣).
وقيل: " الميل إلى ما يُراد ويرتضى "(٤).
وقيل: " ترجيح الشيء، وتخصيصه، وتقديمه على غيره "(٥).
وعرّفه أئمّة القراءات بأنّه: " الوجه الذي يختاره القاريء من بين مرويّاته، أو الراوي من بين مسموعاته، أو الآخذ عن الراوي من بين محفوظاته. وكلّ واحد منهم مجتهد في اختياره "(٦).

(١) وعلى هذا سار زميلي الباحث محمّد بن زيلعي هندي الذي سبقني إلى دراسة اختيارات الشيخ في التفسير في رسالته التي بعنوان: ( اختيارات ابن تيميّة في التفسير؛ من أوّل سورة الفاتحة إلى آخر سورة النساء: جمعاً وترتيباً ودراسة ) والتي تقدّم بها لنيل درجة الدكتوراة في القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية، وقد نوقشت هذه الرسالة.
(٢) ينظر: لسان العرب ( القاهرة: دار المعارف ): ٢/١٣٠٠، مادة ( خير )، والبحر المحيط ( بيروت: دار الكتب العلميّة ): ٤/ ٣٩٧.
(٣) التعاريف للمناوي ( بيروت: دار الفكر المعاصر ): ١/ ٤٢.
(٤) الحدود الأنيقة لزكريّا الأنصاري ( بيروت: دار الفكر المعاصر ): ١/٦٩.
(٥) كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم للتهاوني ( بيروت: مكتبة لبنان ): ١/١١٩.
(٦) ينظر: علم القراءات: نشأته، أطواره، أثره في العلوم الشرعيّة لنبيل آل إسماعيل ( الرياض: مكتبة التوبة ): ص٣٠.


الصفحة التالية
Icon