لم يكن الشيخ ـ رحمه الله ـ في ردوده يقتصر على أهل الإلحاد والبدع، بل كان يردّ على بعض أهل السنّة أحياناً فيما وقعوا فيه من أخطاء، ومن ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا ءاباؤنا.. ﴾[الأنعام: ١٤٨]. رجّح الشيخ أنّ قول المشركين في هذه الآية: ( لو شاء الله ما أشركنا ) لم يكن على سبيل التكذيب بالقدر، والاستهزاء به، فإنّهم كانوا مثبتين للقدر، وإنّما ذمّهم على الاحتجاج به على إبطال الأمر والنهي، قال ـ رحمه الله ـ: " وقد ظنّ طائفة من المثبتين للقدر أنّهم قالوا على سبيل التكذيب بالقدر والاستهزاء به.. وبهذا أجابوا القدريّة لمّا احتجّت عليهم بهذه الآية، وهذا غلط.. "(١).
؟ قوله تعالى: ﴿ لا تدركه الأبصار.. ﴾[ الأنعام: ١٠٣].
سبق ترجيح الشيخ في هذه الآية، وهو أنّ المعنى: لا تحيط به، وليس المعنى: لا تراه. وقد ذهب بعض أهل السنّة من مثبتي الرؤية إلى أنّ المعنى: لا تراه في الدنيا، وقد ردّ عليهم الشيخ بقوله: " ولا يلزم من نفي إحاطة العلم والرؤية: نفي الرؤية، بل يكون ذلك دليلاً على أنّه يُرى، ولا يُحاط به. فإنّ تخصيص الإحاطة يقتضي أنّ مطلق الرؤية ليس بمنفيّ.. فلا تحتاج الآية إلى تخصيص، ولا خروج عن ظاهر الآية، فلا نحتاج أن نقول: لا نراه في الدنيا، أو نقول: لا تدركه الأبصار، بل المبصرون، أو لا يدركه كلّها بل بعضها، ونحو ذلك من الأقوال التي فيها تكلّف "(٢).
١٠- الاستدراك على بعض المفسّرين:
فالشيخ ـ رحمه الله ـ كثيراً ما يذكر أقوال بعض المفسّرين في معنى الآية، ثمّ يستدرك عليهم بذكر ما يراه الصواب، ومن ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. سمّعون للكذب سمّاعون لقوم ءاخرين لم يأتوك.. ﴾[المائدة: ٤١].
(٢) منهاج السنّة: ١/٢١٦. وينظر: ص ٣٥١ من هذه الرسالة.