القول الثاني : أنه لم يقع في القرآن شيء من التخلص ؛ إنما ورد القرآن على الاقتضاب الذي هو طريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم، وقد قال به أبو العلاء الغانمي(١).
ترجيح الزَّركشي:
قال رحمه الله :" وبهذا يظهر لك اشتمال القرآن العظيم على النوع المسمَّى بالتخلُّص، وقد أنكره أبو العلاء محمد بن غانم المعروف بالغانمي وقال :"ليس في القرآن الكريم منه شيء لما فيه من التكلُّف " وليس كما قال " (٢).
وبهذا يكون ترجيح الزَّركشي موافقاً للقول الأول، وهو ما عليه جمع من العلماء ممن تقدم ذكرهم.
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول(اختيار الزركشي ومن وافقه):
إذا تأملت كتاب الله عز وجل وجدت أنواعاً كثيرةً واضحة من التخلّصات؛
كالخروج من وعظٍ وتذكيرٍ وبشارةٍ إلى أمرٍ ونهي، ومن مُحْكَمٍ إلى متشابهٍ، ومن صفةٍ لنبيٍّ مرسل ٍإلى ذمِّ شيطانٍ مريدٍ بلطائف دقيقة ومعان آخذ بعضها برقاب بعض (٣).
ومن أمثلة هذه التخلصات:
١- قوله تعالى :﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ﴾ الآية [ النور (٣٥)]
فإن فيها خمس تخلصات، وذلك أنه جاء بصفة النور وتمثيله، ثم تخلص منه إلى ذكر الزجاجة وصفاتها، ثم رجع إلى ذكر النورِ والزَّيتُ يستمد منه، ثم تخلص منه إلى ذكر الشجرة، ثم تخلص من ذكرها إلى صفة الزيت، ثم تخلص من صفة الزيت إلى صفة النور وتضاعفه، ثم تخلص منه إلى نعمة الله بالهداية لمن يشاء(٤).

(١) ينظر: المثل السائر لابن الأثير (٢/٢٥١)، والبرهان للزَّركشي ( ١/١٣٩)، والإتقان (٢/٢٢٠).
(٢) البرهان للزَّركشي (١/١٣٩).
(٣) ينظر: المثل السائر لابن الأثير (٢/٢٥١).
(٤) ينظر: البرهان للزَّركشي (١/١٣٩).


الصفحة التالية
Icon