وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩) } [التوبة: ٥٩]، فجعل الإيتاء لله ورسوله كما قال
﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾ [الحشر: ٧] فجعل الحسب له وحده فلم يقل: وقالوا حسبنا الله ورسوله، بل جعل الحسب مختصاً به وقال "أليس الله بكاف عبده" [الزمر: ٣٦] فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده، وتمدح تعالى بذلك في قوله "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق: ٣]، وقال تعالى ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِن حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) ﴾ [الأنفال: ٦٢] ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده. وقد أثنى سبحانه وتعالى على أهل التوحيد والتوكل من عباده حيث أفردوه بالحسب فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) ﴾ [آل عمران: ١٧٣]، وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: ١٢٩] إلى غير ذلك من الآيات](١).
* دراسة الترجيح:-
قال بعض المفسرين إن معنى الآية: حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، وَ"من اتبعك" في محل رفع عطفاً على اسم الجلالة "الله" وممن قال بهذا القول:-
الحسن (٢)، والفراء (٣)، والنحاس (٤)، وأبو حيان (٥)، والسمين الحلبي(٦)، وغيرهم.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٨/٤٤.
(٣) معاني القرآن للفراء ١/٤١٧، قال [وهو أحب الوجهين إلي].
(٤) إعراب القرآن للنحاس ٢/١٠٤.
(٥) البحر المحيط لأبي حيان ٥/٣٤٨.
(٦) الدر المصون للسمين الحلبي ٣/٤٣٣، قال (وهو الظاهر).