ثانيًا: لمحةٌ موجزةٌ عن تاريخِ التَّجويدِ والقراءاتِ:
١- تاريخ التأليف في هذا العلم:
إن أول من وضع قواعد التجويد العلمية أئمة القراءة واللغة في ابتداء عصر التأليف، وقيل: إن الذي وضعها هو الخليل بن أحمد الفراهيدي١، وقال بعضهم: أبو الأسود الدؤلي، وقيل أيضًا: أبو عبيد القاسم بن سلام وذلك بعد ما كثرت الفتوحات الإسلامية، وانضوى تحت راية الإسلام كثيرٌ من الأعاجم، واختلط اللسان الأعجمي باللسان العربي، وفشا اللَّحنُ على الألسنة، فخشى ولاة المسلمين أن يُفْضي ذلك إلى التحريف في كتاب الله، فعملوا على تلافي ذلك، وإزالة أسبابه، وأحدثوا من الوسائل ما يَكْفُل صيانة كتاب الله -عز وجل- من اللحن، فأحدثوا فيه النَّقْطَ والشَّكْلَ بعد أن كان المصحف العثماني خاليًا منهما، ثم وضعوا قواعد التجويد حتى يلتزم كل قارئ بها عندما يتلو شيئًا من كتاب الله تعالى.
ولقد كانت بداية النَّظم في علوم التجويد قصيدةَ أبي مزاحم الخاقاني، المتوفى سنة: ٣٢٥هـ، وذلك في أواخر القرن الثالث الهجري وهي تعتبر أقدم نص نُظِمَ في علم التجويد٢.
وأما القراءات فلعلَّ أول من جمع هذا العلم في كتاب هو الإمام أبو عبيد القاسم ابن سلاَّم٣ وذلك في القرن الثالث الهجري فقد ألَّف كتاب "القراءات" الذي قال عنه الحافظ الذهبي: ولأبي عبيد كتابٌ في القراءات ليس لأحد من الكوفيين مثله، توفي ابن سلام بمكة سنة: ٢٢٤هـ.
٢ من كتاب "مجموعة التجويد"١، شرح قصيدة أبي مزاحم الخاقاني، للدكتور: عبد العزيز قاري، ص٩.
٣ من كتاب قواعد التجويد للدكتور: عبد العزيز القاري بتصرف ص٣، ٤.