٥- الحكمةُ في إنزالِ القرآنِ الكريمِ بالأحرفِ السبعةِ:
تتلخص الحكمة في إنزال القرآن الكريم على الأحرف السبعة في أن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم ألسنتهم مختلفة، ولهجاتهم متباينة، ويتعذر على الواحد منهم أن ينتقل من لهجته التي نشأ عليها، وتعوَّد لسانه التخاطب بها، فصارت طبيعة من طبائعه، وسَجِيَّةً من سجاياه، بحيث لا يمكنه العدول عنها إلى غيرها، فلو كلَّفهم الله تعالى مخالفة لهجاتهم لشَقَّ عليهم ذلك، وأصبح من قبيل التكليف بما لا يطاق، فاقتضت رحمته تعالى بهذه الأُمَّة أن يخفف وييسِّر عليها حفظ كتابها وتلاوة دستورها كما يَسَّر لها أمر دينها، فأذِنَ لنبيه أن يُقْرِئَ أمته القرآن على سبعة أحرف فكان صلى الله عليه وآله وسلم يُقْرِئ كل قبيلة بما يوافق لغتها ويلائم لسانها١.
ولعل من الحكمة أيضًا أن يكون ذلك معجزة للنبي على صدق رسالته حيث ينطق صلى الله عليه وآله وسلم القرآن الكريم بهذه الأحرف السبعة، وتلك اللهجات المتعددة وهو النبي الأمي الذي لا يعرف سوى لهجة قريش.

١ من كتاب "الوافي" للشيخ عبد الفتاح القاضي بتصرف، ص "٧، ٨".

٦- صلةُ القراءاتِ السبعِ بالأحرفِ السَّبعةِ:
وأما عن صلة القراءات السبع بالأحرف السبعة المذكورة في الحديث فليُعلم أن الأحرف السبعة نزلت في أول الأمر للتيسير على الأمة، ثم نسخ الكثير منها بالعَرْضَةِ الأخيرة مما حدا بالخليفة عثمان -رضي الله عنه- إلى كتابة المصاحف التي بعث بها إلى الأمصار، وأحرق كل ما عداها، وليس الأمر كما توهمه بعض


الصفحة التالية
Icon