وابن بطوطة غير موثوق فيما يذكره عن شيخ الإسلام ؛ فإنه قد اتهم الشيخ في عقله، وزعم أنه حضره يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع، ويذكَّرهم، وكان من جملة كلامه : إن الله ينْزل إلى سماء الدنيا كنُزولي هذا، ونزل درجة من المنبر(١)، وهذا فرية ظاهرة، فإنه قد صرح في كتابة هذا قبل صفحات من هذا الموضع أنه دخل دمشق في التاسع من رمضان عام ستة وعشرين(٢)، وشيخ الإسلام في ذلك الوقت محبوس في القلعة(٣) لم يخرج منها إلا محمولاً على الأكتاف، فكيف يزعم أنه رآه يخطب في الجامع(٤) ؟، ولعله اجتمع ببعض خصوم الشيخ فملئوا صدره عليه فافترى هذه الفرية.
وأما ما ذكره تلميذُه ابن عبد الهادي من أنه جمع أقوال مفسري السلف الذين يذكرون الأسانيد في كتبهم، في أكثر من ثلاثين مجلداً، وأن أصحابه بيضوا بعض ذلك، وكثيرٌ منه لم يكتبوه(٥)، فلعلَّ هذا الجمع كان لنفسه يرجع إليه عند الحاجة، لم يقصد به التأليف، وإلا لما اعتذر من ابن رشيَّق عندما طلب منه التأليف في تفسير القرآن كله.
على أن هناك تفسيرات مذكورة لشيخ الإسلام لم تصلنا كما يدل عليه ثبت مؤلفاته، فقد تكون مفقودة، أو مازالت مخطوطة(٦).
وهنا أذكر الكتب التي اعتنت بجمع تفسير شيخ الإسلام وهي كما يلي :

(١) انظر : رحلته ص١١٣.
(٢) انظر : رحلته ص١٠٤.
(٣) كان دخوله القلعة في المرة الأخيرة في السادس من شعبان عام ٧٢٦هـ.
(٤) انظر : شرح نونية ابن القيم لابن عيسى ١/٤٩٧، والمداخل لبكر أبو زيد ص٧٣.
(٥) انظر : العقود الدرية ص٢٤.
(٦) انظر : ابن تيمية ومنهجه في تفسير القرآن ص١٠٧، ٣٣٧، و مقدمة دقائق التفسير ص١٤ - ١٥، ومقدمة عدنان زرزور لمقدمة شيخ الإسلام في أصول التفسير ص١٤.

وممن أنكرها سنداً ومتناً وأجاد في ذلك محمد الأمين الشنقيطي حيث قال بعد أن ذكرها :" وقد قدّمنا في هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ويكون في الآية قرينة تدل على بطلان ذلك القول، ومثلنا لذلك بأمثلة متعددة، وهذا القول الذي زعمه كثير من المفسرين وهو أن الشيطان ألقى على لسان النبي - ﷺ - هذا الشرك الأكبر والكفر البواح الذي هو قولهم :( تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ) يعنون اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، الذي لا شك في بطلانه في نفس سياق آيات النجم التي تخللها إلقاء الشيطان المزعوم قرينة قرآنية واضحة على بطلان هذا القول ؛ لأن النبي - ﷺ - قرأ بعد موضع الإلقاء المزعوم بقليل قوله تعالى في اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى :
(١) وليس من المعقول أن النبي - ﷺ - يسب آلهتهم هذا السب العظيم في سورة النجم متأخراً عن ذكره لها بخير المزعوم إلا وغضبوا ولم يسجدوا، لأن العبرة بالكلام الأخير، مع أنه قد دلت آيات قرآنية على بطلان هذا القول، وهي الآيات الدالة على أن الله لم يجعل للشيطان سلطانا على النبي - ﷺ - وإخوانه من الرسل وأتباعهم المخلصين، كقوله تعالى :
(٢) وقوله تعالى :(٣) وقوله تعالى :(٤) وقوله :(٥) وعلى القول المزعوم أن الشيطان ألقى على لسانه - ﷺ - ذلك الكفر البواح فأي سلطان له أكبر من ذلك.
(١) سورة النجم : الآية ٢٣.
(٢) سورة النحل : الآيتان ٩٩ – ١٠٠.
(٣) سورة الحجر : الآية ٤٢.
(٤) سورة سبأ : الآية ٢١.
(٥) سورة إبراهيم : الآية ٢٢.

٧٣- تفسير القرآن، للإمام عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق : مصطفى مسلم، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى، ١٤١٠هـ.
٧٤- تفسير القرآن، للإمام عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق : محمود محمد عبده، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٩.
٧٥- تفسير القرآن العظيم، للحافظ إسماعيل بن كثير، دار المعرفة، الطبعة الأولى، ١٤٠٦هـ.
٧٦- تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله - ﷺ - والصحابة والتابعين، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تحقيق : أسعد الطيب، مكتبة نزار الباز، الطبعة الأولى، ١٤١٧هـ.
تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن.
٧٧- التفسير الكبير مفاتيح الغيب، للرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١١هـ.
٧٨- التفسير اللغوي للقرآن الكريم، لمساعد بن سليمان الطيار، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى، ١٤٢٢هـ.
تفسير الماوردي = النكت والعيون.
تفسير النسفي = مدارك التنْزيل وحقائق التأويل.
٧٩- تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية، جمعه : إياد القيسي وزملاؤه، بإشراف : دار ابن الجوزي، تحت الطبع.
تفسير صديق حسن خان = فتح البيان في مقاصد القرآن.
تفسير عبد الرزاق الصنعاني = تفسير القرآن.
تفسير الشنقيطي = أضواء البيان.
٨٠- تفسيرات شيخ الإسلام، اقتطفها ونسقها : إقبال أحمد الأعظمي، طبع في مطبعة علمي بريس، ( ماليكاؤن ).
٨١- تقريب التهذيب، للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق : محمد عوامة، الطبعة الثالثة، ١٤١١هـ، دار القلم، دمشق.
٨٢- تلخيص الاستغاثة ( الرد على البكري) لابن تيمية، دار أطلس للنشر، الرياض، ١٤١٧.
٨٣- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، تحقيق : د. شعبان إسماعيل، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.


الصفحة التالية
Icon