ونال ابن عقيل مكانة علمية عالية عند كثير من علماء عصره على اختلاف مشاربهم، ولم يكن مقلداً ولا متعصباً لرأي، وكان يقول :( الواجب اتباع الدليل، لا اتباع أحمد )(١)، مع أنه تفقه على مذهب أحمد، قال عنه ابن رجب :( وله مسائل كثيرة ينفرد بها، ويخالف فيها المذهب )(٢).
وكان حريصاً على قضاء وقته بالعلم فظهر أثر هذا في كلامه ومعارفه ؛ يقول ابن الجوزي :( وأفتى ابن عقيل، ودرس وناظر الفحول، واستفتي في الديوان في زمن القائم في زمرة الكبار، وجمع علم الفروع والأصول وصنف فيها الكتب الكبار، وكان دائم التشاغل بالعلم، حتى أني رأيت بخطه : إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي، وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره )(٣).
فلما كان منه هذا صار ممن يشار إليهم بالبنان، يقول السِّلَفي(٤) :( ما رأت عيناي مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل ؛ ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته )(٥).
ويقول الذهبي(٦) :( وكان بحر معارف، وكنز فضائل، لم يكن له في زمانه نظير )(٧).
(٢) الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ١٥٧.
(٣) المنتظم ٩/ ٢١٣.
(٤) هو أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الجرواني، أتقن مذهب الشافعي، وجود القرآن بالروايات، مات سنة ٥٧٦هـ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء ٢١/ ٥، شذرات الذهب ٤/ ٢٥٥، الأنساب ٣/ ٣٧٤.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٤٦، طبقات الداوودي ١/ ٤٢٢.
(٦) هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الشافعي، من مصنفاته: سير أعلام النبلاء، معرفة القراء الكبار، مات سنة ٧٤٨هـ، له ترجمة في : طبقات الشافعية ٣/ ٥٥، شذرات الذهب ٦/ ١٥٤.
(٧) سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٤٥.