قال ابن عطية :( وروي عن بعض العلماء : أنهم كانوا يقصدون الإغلاظ والتخويف أحياناً ؛ فيطلقون : لا تقبل توبة القاتل، منهم ابن شهاب : كان إذا سأله من يفهم منه أنه قد قتل، قال له : توبتك مقبولة، وإذا سأله من لم يفعل، قال له : لا توبة للقاتل، ومنهم ابن عباس، وقع عنه في تفسير عبد بن حميد : أن رجلاً سأله أللقاتل توبة ؟ فقال له : لا توبة للقاتل وجزاؤه جهنم، فلما مضى السائل، قال له أصحابه : ما هكذا كنا نعرفك تقول إلا أن للقاتل التوبة، فقال لهم : إني رأيته مغضباً وأظنه يريد أن يقتل، فقاموا فطلبوه وسألوا عنه فإذا هو كذلك )(١).
رابعاً : آية النساء في القتل محمولة على أحد المعاني التي ذكرها العلماء ومن أظهرها :
أ/ أن يكون معناها : فجزاؤه إن جازاه، روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - في قوله :¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê:... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- " [النساء: ٩٣] قال :" هو جزاؤه إن جازاه "(٢)، والله سبحانه إذا وعد بالعذاب جاز أن يعفو(٣).
قال الطبري :( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه - إن جزاه - جهنم خالداً فيها، ولكنه يعفو، ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله فلا يجازيهم بالخلود فيها )(٤).
ب/ أن يُقال : إن هذا جزاؤه إذا لم يتب، فإن تاب فقد بَيَّن الله أمره في آيات التوبة(٥)، وهو قبول توبته.

(١) المحرر الوجيز ٢/ ٩٥، وينظر : الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٣٣٣، تفسير البيضاوي ٢/ ٢٣٦.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ٨ /٢٧٠ (٨٦٠٦) بسند ضعيف كما قال السيوطي، ينظر : الدر المنثور ٢/ ٦٢٧، فيه من لا يتابع عليه كما قال العقيلي، ينظر : ميزان الاعتدال ٥/ ١٣١.
(٣) ينظر : الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص ٢٣٣.
(٤) جامع البيان ٧/ ٣٥٠.
(٥) معاني القرآن للنحاس ٢/ ١٦٦.


الصفحة التالية
Icon