وأقول : ما دام أن خطاب النبي - ﷺ - يشعر بقصد خطاب العموم، وهذا هو المتعارف عليه شرعاً لاشتراكهم في التشريع، والله سبحانه وتعالى أمر في غير ما آية باتباعه - ﷺ - (١) فلا حاجة إلى تكلف القياس.
والخلاصة أنه لا خلاف بين القولين في العمل ؛ فالجميع متفق على أن خطاب الواحد لا يطلق على الجماعة في اللغة، وكذلك متفقون أن الوقائع الشرعية الخاصة التي استدل بها أصحاب القول الأول عدي حكمها إلى الأمة مع نبيها - ﷺ - (٢).
قال الطوفي :( وكأن الخلاف لفظي...) ثم قال :( وحينئذ يكون التقدير : أن اللغة تقتضي أن الخطاب لواحد معين يختص به، ولا خلاف فيه بينهم، والواقعة الشرعية الخاصة، إذا قام دليل على عمومها عمت، ولا خلاف أيضاً فيه بينهم، فعاد النزاع كما قلنا لفظياً )(٣).
وقال أيضاً :( أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على الرجوع في قضاياهم العامة إلى قضايا النبي - ﷺ - الخاصة، كرجوعهم في حد الزاني إلى قصة ماعز(٤)... )(٥).
وبهذا يتبين أن ما قاله ابن عقيل في تفسير هذه الآية هو قول عامة العلماء على وجه الإجمال(٦). والله أعلم.
(٢) شرح مختصر روضة الناظر ٢/ ٤١٨، شرح الكوكب المنير ٣/ ٢٢١.
(٣) شرح مختصر روضة الناظر ٢/ ٤١٨.
(٤) سبق تخريجه، ينظر : ص ١٨٢.
(٥) شرح مختصر روضة الناظر ٢/ ٤١٥.
(٦) ينظر للاستزادة : الإحكام للآمدي ٢/ ٢٦٠، روضة الناظر ٢/ ١٠٠، المحصول ٢/ ٣٧٩، شرح الكوكب المنير ٣/ ٢١٨، نهاية الوصول في دراية الأصول ٤/ ١٣٨١، إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ٥/ ٣٥٢.