استمد الإمام أبو إسحاق الحربي مادته اللغوية من مصادر كثيرة ومتنوعة منها كتاب العين للخليل، وكتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني، كما رجع الإمام أبو إسحاق إلى ما ألفه كبار اللغويين في تفسير الغريب والنوادر في أبواب متفرقة كالكسائي والأصمعي وابن الأعرابي والأثرم وغيرهم من أهل العلم، انظر ( ص٤٣، ١٠١ ).
الفصل الثاني : خصائص منهجه وطريقته في الاختيار والترجيح ( وفيه مبحثان ) :
المبحث الأول : خصائص منهجه :
قبل الكلام على خصائص منهج الإمام أبي إسحاق الحربي يحسن القول إنه لا بد لكل باحث يريد استخراج منهج عالم من العلماء في أي علم من العلوم أن يكون بين يديه مادة تكفيه ككتاب معروف الحدود واضح المعالم ليكون حكمه دقيقاً في إيضاح ذلك المنهج، وهذا التفسير الذي بين أيدينا ما هو إلا تفسير مجموع من كتب ليست في التفسير، وعليه فسيكون الكلام على خصائص منهجه كلاماً عاماً.
ولذا فقد امتاز تفسيره - رحمه الله - بأنه يذكر الآية المراد تفسيرها، ثم يذكر تفسيره، وتارة يذكر تفسير الآية أولاً ثم يذكر الآية ويستدل على تفسيره بأقوال الصحابة والتابعين مسندة، وفي بعض الأحيان يذكر أقوال أهل التفسير دون أن يذكر رأياً له، وهو مع ذلك يذكر في أحيان كثيرة القراءات الواردة في الآية ويكثر من نقل أقوال أهل اللغة في تفسير الآية المراد تفسيرها، انظر ( ص٤٨ ).
المبحث الثاني : طريقته في الاختيار والترجيح :
ـ معنى الاختيار :
لغة : قال ابن فارس :" ( خير ) الخاء والياء والراء أصله العطف والميل ثم يحمل عليه، والاستخارة أن تسأل خير الأمرين لك "(١).
والاختيار الاصطفاء(٢).
اصطلاحاً : طلب ما هو خير وفعله(٣).
ـ معنى الترجيح :
(٢) الصحاح ( ٢/٥٦٣ ).
(٣) المفردات ( ٣٠١ ).