٧/٣٩ قَالَ تَعَالَى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِن الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٦٧) ﴾ [التوبة].
قال الإمام أبو إسحاق الحربي :
" كما قال :﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة ٦٧]، أي تركوا العمل بطاعته، فنسيهم من رحمته : تركهم "(١).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
لم يختلف أهل اللغة(٢) والتفسير(٣) على أن النسيان في الآية الكريمة بمعنى الترك.
قال الرازي :
" واعلم أن هذا الكلام لا يمكن إجراؤه على ظاهره لأنا لو حملناه على النسيان على الحقيقة، لما استحقوا عليه ذماً ؛ لأن النسيان ليس في وسع البشر وأيضاً هو في حق الله تعالى محال، فلا بد من التأويل من وجهين، الوجه الأول : معناه أنهم تركوا أمره حتى صار بمنزلة المنسي، فجازاهم بأن صيرهم بمنزلة المنسي من ثوابه ورحمته، والثاني : النسيان ضد الذكر، فلما تركوا ذكر الله بالعبادة والثناء عليه ترك الله ذكرهم بالرحمة والإحسان، وإنما حسن جعل النسيان كناية عن ترك الذكر لأن من نسي شيئاً لم يذكره فجعل اسم الملزوم كناية عن اللازم "(٤).
......................................................................

(١) غريب الحديث ( ٢/٦٣١ ).
(٢) انظر : معاني القرآن للزجاج ( ٢/٤٦٠ )، وتهذيب اللغة للأزهري ( ١٣/٧٩ )، مادة ( نسي ).
(٣) انظر : غريب القرآن لابن قتيبة ( ١٦٥ )، والسجستاني ( ٤٦٣ )، وتفسير السمرقندي ( ٢/٧١ )، وتفسير الواحدي الوسيط ( ٢/٥٠٩ )، وتفسير السمعاني ( ٢/٣٢٥ )، وتفسير البغوي ( ٥٧٠ )، وتفسير ابن عطية ( ٨٦٢ )، وابن الجوزي في تذكرة الأريب ( ١/٢٢٠ )، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( ٨/١٨٣ )، وتفسير البيضاوي ( ١/٤١١ )، وتفسير الثعالبي ( ٢/٦٠ )، وتفسير أبي السعود ( ٤/٨٠ ).
(٤) انظر : تفسيره ( ٦/٩٧ ).


الصفحة التالية
Icon