الراجح أن كلا المعنيين يدخل في مفهوم الآية الكريمة، ولهذا نجد أن أهل اللغة(١)، وبعض أهل التفسير(٢) يورد هذين القولين دون تقديم قول على قول، فلفظ ( غمة ) من الألفاظ المشتركة بين الاستتار والضيق، وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام أبو إسحاق الحربي هو أحد المعاني الواردة في الآية الكريمة - والله أعلم -.
٨/٤٣ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) ﴾ [يونس].
قال الإمام أبو إسحاق الحربي :
" وفي يونس ﴿ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ.. الآية ﴾ [يونس ٨٣]، يقتلهم " أ هـ(٣).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
اختلف أهل التفسير في المراد بالفتنة في قوله تعالى :﴿ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾ [يونس ٨٣] على أقوال :
القول الأول : قالوا إن المراد بقوله تعالى :﴿ يَفْتِنَهُمْ ﴾ أي يقتلهم، قاله ابن عباس(٤) والسمرقندي(٥) وابن أبي زمنين(٦) والنيسابوري(٧) والدامغاني(٨) وابن الجوزي(٩).

(١) انظر : العين للخليل ( ٤/٤٥٥ )، وجمهرة اللغة لابن دريد ( ١/١١٦ )، وتهذيب اللغة للأزهري ( ٨/٢١٥ )، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس ( ٤/٣٩٢ )، مادة ( غم ).
(٢) انظر : الطبري ( ٦/٥٨٥ )، والرازي ( ١٧/١٣٨ )، والقرطبي ( ٨/٣٢٤ ).
(٣) غريب الحديث ( ٣/٩٤٠ ).
(٤) ذكره الماوردي ( ٢/٤٤٦ )، وابن الجوزي في زاد المسير ( ٤/٥٣ ).
(٥) انظر : تفسيره ( ٢/١٢٨ ).
(٦) انظر : تفسيره ( ٢/٢٧٠ ).
(٧) انظر : وجوه القرآن ( ٢٥١ ).
(٨) انظر : الوجوه والنظائر ( ٢/١٢٢ ).
(٩) انظر : نزهة الأعين النواظر ( ٤٧٩ ).


الصفحة التالية
Icon