قال ابن جريج : وقال آخرون أوحى الله عزّ وجل إلى إبراهيم أن ابني لي بيتاً، فقال : أي رب أين ؟ قال سنخبرك، فبعث الله سحابة فيها رأس، فقال الرأس يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة فجعل ينظر ويخط قدرها، قال الرأس : قد فعلت ؟ قال : نعم، قال : فارتفعت السحابة فحفر إبراهيم عليه السلام فأبرز أساسه وهو ثابت في الأرض، فبنى البيت وناداه أبو قبيس : يا إبراهيم هذا الركن فيّ فاحتفر عنه فجعله في البيت(١).
الفصل السابع : منهجه في آيات الاعتقاد :
كان الإمام أبو إسحاق الحربي حريصاً على الاتباع مجانباً لأهل الأهواء والبدع، وكان ينهى عن الجلوس إليهم، فقد قال - رحمه الله - :" لا أعلم عصابة خيراً من أهل الحديث، إنما كان يغدو أحدهم ومعه محبرة فيقول : كيف فعل النبي - ﷺ - وكيف صلى، وإياكم أن تجلسوا إلى أهل البدع، فإن الرجل إذا أقبل ببدعة ليس يفلح ".
وكان من حرص الإمام أبي إسحاق الحربي على الاتباع كراهيته للكلام في مسائل من العلم لم يسبق إليها، فقد ذكر أبو ذر الهروي أن إبراهيم الحربي وعد طلابه أن يملي عليهم مسألة، فاجتمع له في مجلسه ثلاثون ألف محبرة، فلما اجتمع الناس أشرف عليهم، فقال لهم :" قد كنت وعدتكم أن أملي عليكم... ثم نظرت فإذا لم يتقدمني في الكلام فيها إمام يقتدى به فرأيت الكلام فيها بدعة، فقام الناس وانصرفوا، فلما كان يوم الجمعة أتاه رجل وكان إبراهيم لا يقعد إلا وحده، فسأله عن هذه المسألة، فقال : ألم تحضر مجلسنا بالأمس ؟! قال : بلى، فقال : أتعرف العلم كله ؟ قال: لا، قال : فاجعل هذا مما لم تعرف "(٢).
(٢) انظر سير أعلام النبلاء ( ١٣/٣٥٧ ).