وأخبرني أبو عمر عن الكسائي(١) قوله :﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا ﴾ [البقرة ٦١] نكرة أي قرية أو مصر، وقال بعضهم :" هي مصر بعينها ".
فإن شئت إذا كانت بعينها لم تجرها، فتكون الألف فيها كالألف في " قوريرا " [الإنسان ١٥-١٦] أو " سلاسلاً " [الإنسان ٤]، وإن شئت أجريتها لخفة مصر، وإن كنت لم أسمعه من العرب في البلاد إلا بترك الإجراء "(٢) ا هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
أشار الإمام أبو إسحاق الحربي في كلامه على قوله تعالى :﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا ﴾ [البقرة ٦١] إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
القراءات الواردة في قوله تعالى :﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا ﴾ [البقرة ٦١]، وإليك بيان هذه القراءات :
القراءة الأولى : قرأ عامة القراء ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا ﴾ بتنوين المِصْر وإجرائه، واختلف هؤلاء في المراد بـ ( مصر ) بالآية الكريمة، وسيأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله.
القراءة الثانية : ما جاء في مصحف أُبي وابن مسعود رضي الله عنهما، وهي قراءة (طلحة وابن عباس والحسن وأبان والأعمش)(٣)( اهبطوا مصر ) بترك الإجراء.
والمراد بـ ( مصر ) على هذه القراءة مصر التي تعرف بهذا الاسم الآن دون سائر البلدان(٤).
الترجيح :
الراجح من هاتين القراءتين ـ والله تعالى أعلم ـ هي قراءة عامة القراء، فهي القراءة المتواترة السبعية، أما ما عداها فهي قراءة شاذة.
......................................................................
(٢) غريب الحديث ( ٣/١٢٠٤ ).
(٣) * ترجمة كل من : طلحة ( ص١٥٧)، ابن عباس (ص١٢٤)، الحسن (ص٤٩)، أبان (ص١٢٤)، الأعمش (ص٤٨).
(٤) انظر : معاني القرآن للفراء ( ١/٤٢ )، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ( ١/٤٢ )، والزجاج ( ١/١٤٤ )، وابن عطية ( ٩٣ )، والتبيان في إعراب القرآن للعكبري ( ١/٦٩ )، وأبي حيان ( ١/٣٩٦ )، والدر المصون
( ١/٣٩٥ ).