" وقد بينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا وفي كتابنا (كتاب اللطيف من البيان) أن كل آيتين أو خبرين كان أحدهما نافياً حكم الآخر في فطرة العقل، فغير جائز أن يقضى على أحدهما بأنه ناسخ حكم الآخر إلا بحجة من خبر قاطع للعذر مجيئه، وذلك غير موجود، فقول القائل : هذه ناسخة، هذه دعوى لا برهان عليها، والمدعي دعوى لا برهان عليها متحكم والتحكم لا يعجز عنه أحد " أ هـ(١).
الترجيح :
الراجح - والله تعالى أعلم - قول من قال : إنها محكمة.
قال مكي :
" الظاهر في هذه الآية أنها محكمة مخصصة مبيّنة بآية المائدة " أ هـ(٢).
وقال ابن الجوزي :
" هذا عام خص منه أهل الكتاب والتخصيص ليس بنسخ، وقد غلط من سماه نسخاً " أ هـ(٣).
أقوال الإمام
أبي إسحاق الحربي
في سورة آل عمران
٢/١٢ قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) ﴾ [آل عمران].
قال الإمام أبو إسحاق الحربي :
" والوجه الثاني من الفتنة أنها الضلالة، وذلك قوله في آل عمران :﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ... الآية ﴾ [آل عمران ٧] " أ هـ(٤).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :

(١) تفسيره ( ٢/٣٨٩ ) بتصرف.
(٢) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ( ص١٦٩ ) بتصرف.
(٣) المصفى بأكف أهل الرسوخ ( ص٢٠ ).
(٤) غريب الحديث ( ٣/٩٣١ ).


الصفحة التالية
Icon