تبين لي من خلال دراستي للأقوال المتقدمة أنها من قبيل اختلاف التنوع لا التضاد، فيصح إرادتها من الآية الكريمة جميعاً، فاللفظ محتمل لجميع هذه المعاني - والله تعالى أعلم -.
٥/٣٠ قَالَ تَعَالَى: ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) ﴾ [الأنعام ].
قال الإمام أبو إسحاق الحربي :
" وكذلك ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ.. الآية ﴾ [الأنعام ٢٨] يعني ما يسترون "(١).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
ذهب أهل اللغة(٢) والتفسير إلى أن المراد بقوله تعالى :﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ.. الآية ﴾ [الأنعام ٢٨]، أي يكتمون ويسترون.
قال ابن فارس :
" خفي الشيء يخفى وأخفيه إخفاءً إذا سترته "(٣).
وبه قال الطبري(٤) والواحدي(٥) والبغوي(٦) وغيرهم من أهل العلم(٧)، وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام أبو إسحاق الحربي هو المعنى المراد في الآية الكريمة - والله تعالى أعلم -.
(٢) انظر : العين للخليل ( ٢/٣١٣ )، وجمهرة اللغة لابن دريد ( ٢/٢٣٩ )، والأضداد للأنباري ( ٩٥ )، وتهذيب اللغة للأزهري ( ٧/٥٩٦ )، والمحيط في اللغة لابن عباد ( ٤/٤٢٤ )، والصحاح للجوهري
( ٥/١٨٥٩ ) مادة ( خفي ).
(٣) مجمل اللغة ( ٢/٢٩٧ ).
(٤) تفسيره ( ٥/١٧٦ ).
(٥) الوسيط ( ٢/٣٦٣ ).
(٦) تفسيره ( ص٤١٧ ).
(٧) انظر : تفسير الثعالبي ( ٤/١٤٢ )، وأبي حيان في تحفة الأريب ( ٦٢ )، والسمين الحلبي ( ١/٥٩٦ )، والشوكاني ( ٢/١٢٦ )، والقاسمي ( ٣/٢٩٦ )، والشنقيطي في الترجمان ( ١/١٤٩ ).