أنّكم في هذه الحياة لم تتركوا إلى آرائكم ولا إلى إقراركم السابق الذي زعمتم أنه عن اضطرار بل أرسل إليكم الرّسل وأنزل إليكم الكتب ليرشدوكم إلى طريق الحقّ ويذكروكم بالميثاق الذي أخذه الله عليكم، وهذا يدل على انتفاء الاضطرار.
فإن قالوا حرمنا التّوفيق من الله تعالى، فالجواب أنّ التّوفيق بيد الله يعطيه من يسعى إليه ويبحث عنه لا من يلجأ إلى الأعذار ويتعلّق بالأماني والأهواء(١).
أمّا الجواب عن القول الثّاني في مسلك الجمع في جواز حمل معنى الآية على ما ذهب إليه أصحاب مسلك التّرجيح فيجاب عليه بمثل ما تقدّم من الأجوبة على اعتراضات أصحاب مسلك التّرجيح.
وأمّا القول الثّالث من مسلك الجمع: فلا يخفى ما فيه من تكلّف وتقطيع لسياق الآية المتّصل، مع إمكانيّة الجمع بين أول الآية وآخرها، وحمل سياق الآية على الاتصال أولى من حمله على الانفصال.
وخلاصة القول في هذه المسألة ثبوت الميثاق الأول على الخلق عندما أخرجهم كالذر من صلب آدم عليه السلام ثم من أصلاب آبائهم على التدرج كما يفهم من ظاهر الحديث، وأما الآية التي لم يُذكر فيها إخراج الخلق من صلب آدم عليه السلام واكتفت بذكر الفرع عن ذكر الأصل يكون الحديث مفسراً لما فيها من اختصار، والله - تعالى - أعلم.
علم النبي - ﷺ - بموعد قيام الساعة
الآية:

(١) انظر تفسير السمرقندي (١/٥٧٦-٥٧٨)، مفاتيح الغيب (١٥/٣٩-٤١)، كتاب الميسر شرح مصابيح السنة
(١/٦٠، ٦١)، غرائب القرآن (٩/٨١-٨٢)، حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (٤/٤٠٠-٤٠١)، الفتوحات الإلهية (٢/٢٠٨-٢٠٩)، روح المعاني (٩/١٠٧-١٠٨).


الصفحة التالية
Icon