وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ - :(إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط(١) فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً أو قال ذمة وصهراً(٢)، فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها) قال: فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها(٣).
عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله - ﷺ - قال لعمار: (تقتلك الفئة الباغية)(٤) والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.
وجه موهم التعارض بين الآية والأحاديث:
في هذه الآية يذكر الله تعالى على لسان نبيه محمد - ﷺ - أنه لا يعلم الغيب وأن هذا العلم من خصوصية الله تبارك وتعالى، ولو كان عليه الصلاة والسلام يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما أصابه سوء قط، ولكن في المقابل أخبر النبي - ﷺ - في أحاديث عديدة عن أمور غيبية سواءً كانت ماضية أو حاضرة أو مستقبلية، وهي من أعظم معجزاته عليه الصلاة والسلام، فكيف يمكن الجمع بين ظاهر الآية وهذه الأخبار، ودفع إيهام التعارض بينها ؟
مسالك العلماء تجاه موهم التعارض
سلك العلماء - رحمهم الله تعالى - لدفع موهم التعارض بين انتفاء علمه عليه الصلاة والسلام بالغيب وبين إخباره بالمغيبات مسلكين، وفيما يلي بيانها :
أولاً : مسلك الجمع :
وتعددت أجوبتهم في ذلك إلى خمسة أجوبة وهي كما يلي:

(١) القِيراط بكسر القاف: هو جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشره في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءاً من أربع وعشرين، انظر مشارق الأنوار (٢/٢٢٠)، والنهاية في غريب الحديث (٤/٤٢).
(٢) الصّهِر : الأقارب من جهة الزوجة، مشارق الأنوار (٢/٦٤)، والنهاية في غريب الحديث (٣/٦٣).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، رقم (٢٥٤٣).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن واشراط الساعة، رقم (٢٩١٦).


الصفحة التالية
Icon