والمجمل في اصطلاح الأصوليين هو :" ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء "، ويعرفه بعضهم بأنه :" مالم تتضح دلالته "(١).
ويقابله المبين وهو :" ما نص على معنى معين من غير إبهام " (٢).
فإذا وردت آية من آيات القرآن الكريم مجملة ؛ ولو في بعض ما تدل عليه، وجاء حديث نبوي صحيح مبين ؛ فقد يتسبب ذلك في إيهام تعارض فيما بينهما.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى :﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة : ٣٨]، فهو يوهم التعارض مع حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - ﷺ - قال :" لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً "(٣).
حيث يفهم من الآية أن السارق تقطع يده إذا سرق أقل القليل، فهي لم تحدد نصاباً ومقداراً إذا سرقه السارق فإنه تقطع يده، بينما الحديث يدل على أنه لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً.

(١) انظر تعريفات الأصوليين للمجمل فيما يلي : الحدود في الأصول للباجي ص١٠٧، العدة في أصول الفقه لأبي يعلى١/١٤٢، التمهيد في أصول الفقه للكلوذاني ١/٩، المستصفى للغزالي ٢/٢٨، التعريفات للجرجاني ص ٢٦١، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/ ٨، ٩، روضة الناظر لابن قدامة مع شرحه نزهة الخاطر العاطر ٢/٤٢، ٤٣، أصول الفقه لابن مفلح ٣/٩٩٩، شرح الكوكب المنير لابن النجار ٣/٤١٤، إرشاد الفحول للشوكاني ٢/١٢.
(٢) انظر تعريفات الأصوليين للمبين فيما يلي : الحدود في الأصول ص١٠٨، العدة في أصول الفقه١/١٠٠-١٠٦، الواضح في أصول الفقه لابن عقيل ١/١٨٣، المستصفى ٢/٣٨، أصول السرخسي ٢/٢٦، التمهيد في أصول الفقه ١/٥٨-٦٠، روضة الناظر مع شرحه نزهة الخاطر العاطر ٢/٥٢، تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزي ص ١٦٢، شرح الكوكب المنير ٣/٤٣٧، إرشاد الفحول ٢/١٣.
(٣) سيأتي تخريجه في الموضع رقم (٥٦) ص٤٦٩.

وابن عاشور(١)، وابن عثيمين(٢).
فعلى هذا التقدير لا يوجد تعارض بين هذه الآيات وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، بل الآيات متفقة مع حديث ابن عباس رضي الله عنهما في أن المحرم من الميتة هو أكلها، دون الانتفاع بها(٣).
(١) انظر : التحرير و التنوير ٢/١١٦.
وابن عاشور هو : محمد الطاهر بن عاشور، رئيس المفتين المالكيين في تونس، مفسر، لغوي، نحوي، أديب، له أبحاث وتحقيقات علمية منشورة، وله في التفسير التحرير والتنوير، توفي سنة (١٣٩٣هـ ).
انظر : معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ٣/٣٦٣، معجم المفسرين لعادل نويهض ٢/ ٥٤١.
(٢) انظر : تفسير القرآن الكريم ٢/٢٥٠، ٢٥٤، وذكره الرازي في التفسير الكبير ٢/١٩٤، والبيضاوي في أنوار التنزيل١/١٥٩.
(٣) لكن على هذا التقدير في الآيات يوجد إيهام تعارض بينها وبين حديثين آخرين، هما :
١- حديث جابر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول عام الفتح وهو بمكة :" إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام "، فقيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال :" لا هو حرام " ثم قال رسول الله - ﷺ - عند ذلك :" قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه " ( أخرجه البخاري في البيوع، رقم (٢٢٣٦) ٣/٨٤، ومسلم في المساقاة، رقم (١٥٨١)٣/١٢٠٧).
فالآيات على هذا التقدير تدل على أن المحرم هو أكل الميتة فقط، فيفهم من ذلك إباحة بيع الميتة والانتفاع بثمنها وغير ذلك، والحديث يدل على أنه يحرم بيع الميتة.
والتوفيق بينهما فيما يظهر لي أن يقال : إن مفهوم الآيات على هذا التقدير عام في إباحة الانتفاع بالميتة فيما عدا الأكل، وحديث جابر - رضي الله عنه - مخصص لذلك العموم بتحريم بيع الميتة وأكل ثمنها، ولا تعارض بين عام وخاص بل يحمل العام على الخاص.
ويمكن أن يقال : إن دلالة الآيات على إباحة بيع الميتة دلالة مفهوم، ودلالة الحديث على تحريم بيع الميتة دلالة منطوق، والمنطوق مقدم على المفهوم، كما في الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٤/٢٥٤، والله تعالى أعلم.=
=٢- حديث عبد الله بن عكيم قال : أتانا كتاب النبي - ﷺ - ونحن بأرض جهينة، وأنا غلام شاب أن " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ".(أخرجه أحمد في المسند رقم (١٨٧٨٠)٣١/٧٤، وأبو داود رقم (٤١٢٧)٤/٦٧، والترمذي رقم (١٧٢٩) ٤/٢٢٢، وحسنه، والنسائي رقم (٤٢٥٠) ٧/١٧٥، وابن ماجه رقم (٣٦١٣) ٢/١١٩٤.
والحديث قال عنه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل ١/٥٢: " لم يسمع عبد الله بن عكيم من النبي ﷺ وإنما هو كتابه "، وقال عنه الترمذي بعد أن حسنه في ٤/٢٢٢ :" وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم... وكان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين، وكان يقول كان هذا آخر أمر النبي - ﷺ -، ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده "، كما حسن الحديث الحازمي في الاعتبار ص ١٧٦، ونقل في ص ١٧٨ عن الخلال قوله :" توقف أحمد في حديث ابن عكيم لما رأى تزلزل الرواة فيه "، ثم قال :" الحديث كثير الاضطراب ".
وقد لخص الحافظ ابن حجر في التلخيص ١/٤٨ ما أعل به هذا الحديث فقال :" ومحصل ما أجاب به الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال، وهو أن عبد الله بن عكيم لم يسمعه من النبي ﷺ، والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن عكيم، والاضطراب في سنده، فإنه تارة قال عن كتاب النبي ﷺ، وتارة عن مشيخة من جهينة، وتارة عن من قرأ الكتاب، والاضطراب في المتن، فرواه الأكثر بدون تقييد، ومنهم من رواه بقيد شهر، أو شهرين، أو أربعين يوماً أو ثلاثة أيام ". وانظر قريباً من كلام ابن حجر في الخلاصة للنووي ١/٧٥-٧٦، نصب الراية للزيلعي ١/١٢٠-١٢١.
وصحح الألباني في إرواء الغليل١/٧٨ إسناد الحديث وقال :" وهذا إسناد صحيح موصول عندي ". ).
فالآيات على هذا التقدير تدل على أن المحرم هو أكل الميتة فقط، فيفهم من ذلك إباحة الانتفاع بالميتة، أو بشيء من أجزائها كالجلد، والحديث فيه النهي عن الانتفاع بإهاب الميتة.
والتوفيق بينهما فيما يظهر لي أن يقال : إن الآيات تدل بمفهومها على إباحة الانتفاع بالميتة، ويدخل في ذلك الانتفاع بجلدها، بشرط الدبغ، كما دلت على ذلك السنة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر "( أخرجه مسلم رقم (٣٦٦)١/٢٧٧)، ويحمل حديث ابن عكيم ـ على القول بصحته ـ على النهي عن الانتفاع بإهاب الميتة قبل الدبغ، ويؤيد ذلك ما تقدم في حديثي ابن عباس - رضي الله عنه -، كما يؤيده القول بأن الإهاب في اللغة لا يطلق على الجلد بعد الدبغ، كما نقله أبو دواد في سننه٤/ ٦٧عن النضر بن شميل.
( راجع في ذلك ما يلي : ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين ص ٢٥٧-٢٥٩، معالم السنن للخطابي ٤/١٨٨، التمهيد لابن عبد البر ٤/١٦٥، الاعتبار في ناسخ الحديث ومنسوخه للحازمي ص١٧٨، بداية المجتهد لابن رشد ( الهداية في تخريج أحاديث البداية ٢/١٨٩)، الصحاح للجوهري، مادة ( أهب )، القاموس المحيط للفيروز آبادي، مادة ( أهب ) لسان العرب لابن منظور مادة ( أهب )، فتاوى ابن تيمية ٢١/١٠٢، فتح الباري لابن حجر ٩/٦٥٩، حاشية السيوطي على سنن النسائي [ السنن ٧/١٧٥] ).
وقد جعلت دفع موهم التعارض بين هذه الآيات وهذين الحديثين في الهامش ؛ لأني لم أجد من أشار إلى التعارض بينهما ولو إشارة، فضلاً عن التصريح بذلك، أو محاولة دفع ما قد يتوهم من التعارض بينهما، والله أعلم.

١- أن حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أقوى إسناداً من حديث أبي هريرة، فقد جاء حديثهما من طرق كثيرة جداً بمعنى واحد، حتى قال البخاري عنه :" إنه أسند "(١) ؛ أي أقوى إسناداً، كما قال ابن حجر(٢)، وقال ابن عبد البر :" روي هذا الحديث عن عائشة من وجوه كثيرة، وطرق متواترة، وكذلك روي أيضاً عن أم سلمة "(٣).
٢- أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما زوجتاه، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل يعرفه سماعاً أو خبراً.
٣- أن عائشة رضي الله عنها مقدمة في الحفظ، وأم سلمة رضي الله عنها حافظة، ورواية الاثنين تقدم على رواية الواحد.
٤- أن حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما موافق للقرآن ـ أي للآية السابقة ـ في صحة صوم الجنب.
قال المازري :" فلما طابق ظاهر القرآن فعله - ﷺ - قدم على ما سواه "(٤).
٥- أن حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما له نظير في السنة، فهو يشبه التطيب للمحرم، فهو مُحرَم، لكن إذا تطيب وهو حلال فإنه يجوز له أن يحرم بما بقي عليه أثر الطيب، ولا تأثير لذلك ؛ لأن التطيب كان مباحاً، ومثل ذلك أثر الجنابة فإنه لا يؤثر على الصوم ؛ لأن الجماع كان مباحاً.
٦- أن حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما موافق للمعقول، وهو أن وجوب الغسل لا يوجب إفطاراً، فالغسل كما يجب من الجماع في ليل رمضان، فهو واجب من الاحتلام في نهار رمضان، فالمحتلم في نهار رمضان يجب عليه الغسل ويتم صومه إجماعاً، ولا يؤثر ذلك على صحة صومه، ومثله من أصبح جنباً في رمضان من جماع أو احتلام فإنه يغتسل ويتم صومه ولا حرج عليه.
(١) الجامع الصحيح ٣/٣٠.
(٢) فتح الباري ٤/١٤٦.
(٣) التمهيد ١٧/٤٢٤.
(٤) المعلم بفوائد مسلم ٢/٣٤.

ويبقون على دينهم، فلا إكراه حينئذٍ، ويحمل الأمر بالقتال الوارد في الحديث على قتال من امتنع من الإسلام، وأبى دفع الجزية.
وإلى هذا الوجه ذهب ابن القيم(١)، وهو ظاهر كلام ابن عثيمين(٢).
قال ابن القيم :" ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة : ٢٥٦]، هذا نفي في معنى النهي ؛ أي لا تكرهوا أحداً على الدين، نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهودوا وتنصروا قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام أسلم الآباء، وأرادوا إكراه الأولاد على الدين، فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الإسلام، والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر، وهذا ظاهر على قول من يجوّز أخذ الجزية من جميع الكفار، فلا يكرهون على الدخول في الدين، بل إما أن يدخلوا في الدين، وإما أن يعطوا الجزية، كما يقوله أهل العراق وأهل المدينة، وإن استثنى هؤلاء بعض عبدة الأوثان، ومن تأمل سيرة النبي - ﷺ - تبين له أنه لم يكره أحداً على دينه قط "(٣).
ثانياً : مسلك النسخ :
ذهب ابن عاشور إلى أن الآية ناسخة لحكم القتال على قبول الكافرين الإسلام، وأبقت القتال على توسيع سلطانه ؛ فهي ناسخة لحديث " أمرت أن أقاتل الناس "(٤).
التوجيه والترجيح :
يتعين _ في هذه المسألة _ الأخذ بمسلك الجمع لأن فيه إعمالاً لجميع الأدلة، وإعمال الأدلة أولى من إهمالها أو بعضها، ولكون مذهب النسخ بعيداً جداً كما سيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى.
(١) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ص١٤. وانظر : أحكام أهل الذمة ص٢١ ـ٢٢، زاد المعاد ٥/٩١.
(٢) انظر : تفسيره ٣/٢٦٧.
(٣) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ص١٤.
(٤) انظر : التحرير والتنوير ٣/٢٦-٢٧.

وإذا كان الأمر كذلك فإن القول بنسخ قوله تعالى :﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ بعيد، وكما قال عنه ابن الجوزي :" هذا تكلف لا يحتاج إليه ؛ لأن النبي - ﷺ - أجاز المتعة، ثم منع منها، فكان قوله منسوخاً بقوله، وأما الآية فإنها لم تتضمن جواز المتعة "(١).
وبهذا يندفع ما يتوهم من التعارض بين القرآن والسنة في هذه المسألة.
- - -
٤١-٧- قال تعالى :﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [ النساء : ٢٥ ].
موهم التعارض من السنة :
(١) زاد المسير ٢/ ٥٣، وانظر : نواسخ القرآن٢/٣٦٤.

وقال السمين :" وكثر إطلاق المسح في لسان المشترعة على إمرار اليد بالماء غسلاً كان أو مسحاً، ومنه تمسح للصلاة، وعليه قوله :( وأرجلِكم )، قال أبو زيد الأنصاري : المسح في كلام العرب يكون غسلاً، ويكون مسحاً، قلت : وعلى هذا يكون من استعمال المشترك في معنييه، فإنه بالنسبة إلى الرؤوس مسح، وإلى الأرجل غسل "(١).
وقد وجه ابن عاشور نقده إلى هذا الوجه فقال :" وهذا الإطلاق، وإن صح ـ أي لغة ـ لا يصح أن يكون مراداً هنا ؛ لأن القرآن فرَّق في التعبير بين الغسل والمسح "(٢).
وقد أجاب عن ذلك الألوسي فقال :" لا ننكر اختلاف فائدة اللفظين لغة وشرعاً، ولا تفرقة الله تعالى بين المغسول والممسوح من الأعضاء، لكنا ندعي أن حمل المسح على الغسل في بعض المواضع جائز، وليس في اللغة والشرع ما يأباه، على أنه قد ورد ذلك في كلامهم "(٣).
كما رده بعضهم بأنه غير جائز أن يراد بالفعل ﴿ #qكs|، ّB$#ur ﴾ في الآية المسح في الرأس، ويراد بالفعل نفسه الغسل في الرجل(٤).
وقد أجاز ذلك ابن تيمية والسمين الحلبي كما تقدم(٥)، والشنقيطي، وقال :" ولا مانع من كون المراد بالمسح في الأرجل هو الغسل، والمراد به في الرأس المسح الذي ليس بغسل، وليس من حمل المشترك على معنييه، ولا من حمل اللفظ على حقيقته ومجازه ؛ لأنهما مسألتان كل منهما منفردة عن الأخرى، مع أن التحقيق جواز حمل المشترك على معنييه كما حققه الشيخ تقي الدين أبو العباس بن تيمية في رسالته في علوم القرآن، وحرر أنه هو الصحيح في مذاهب الأئمة الأربعة رحمهم الله "(٦).
(١) عمدة الحفاظ ٤/١٠٢.
(٢) التحرير والتنوير ٦/١٣١.
(٣) روح المعاني ٦/٧٥.
(٤) انظر : روح المعاني للألوسي ٦/٧٤.
(٥) انظر : الفتاوى ٢١/١٣٢-١٣٣، عمدة الحفاظ ٤/١٠٢.
(٦) أضواء البيان ٢/١٢.

وأما الوجه السابع فيغني عنه ما سبق من نفي وجود التعارض من أصله، أو الجمع بأوجه مقبولة سالمة من الاعتراض كما تقدم.
وأما مسلك النسخ، وإن كان له وجاهة، فلم يرتضه بعض أهل العلم، وردوه بما يلي :
١- أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، والجمع هنا غير متعذر، وقد سبق بيانه.
قال ابن العربي :" فجاء من هذا أن الآية في محل الاجتهاد بالتخصيص بها، أو التعميم والزيادة عليها، أو الاقتصار إلى غير ذلك من وجوه الاحتمال، ومع هذا كله لا يصح دعوى نسخ فيها إذ لا يمكن إثباته منها، والله أعلم "(١).
٢- أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تحقق التعارض، وفي هذه المسألة لا تنافي بين قوله :﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ... الآية ﴾ [ الأنعام : ١٤٥]، وبين الأحاديث المتقدمة التي تدل على تحريم مطعومات أخرى، وذلك واضح من خلال ما تقدم من نفي وجود التعارض من أصله، أو من خلال ما سبق من أوجه الجمع المقبولة.
قال المازري :" ولا يمكن تعارضها ـ أي الآية والأحاديث ـ إلا على وجه يمكن فيه البناء، فإذا أخبر أنه لا يجد محرماً، ووجدنا نحن محرماً، حملناه على أنه أوحي إليه به فيما بعد ؛ لأنه لو كان أوحي إليه فيما قبل، وكان الخبر عاماً صار الخبر كذباً، وهذا لا يصح "(٢).
(١) الناسخ والمنسوخ ٢/٢٢٠.
(٢) المعلم بفوائد مسلم ٣/٤٥.

الموضع ٥٩ : وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ¾دmدG"tƒ#uن... ٤٨٦
الموضع ٦٠ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ... ٤٨٩
الموضع ٦١ : أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ حou'$

‹، ،=د٩ur... ٤٩٣

الموضع ٦٢ : أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ حou'$

‹، ،=د٩ur... ٤٩٩

الموضع ٦٣ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ... ٥٠٦
سورة الأنعام.... ٥١٥
الموضع ٦٤ : قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي ôMà٦oY÷ t/ur... ٥١٦
الموضع٦٥ : لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ... ٥١٩
الموضع ٦٦ : وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ... ٥٢٧
الموضع ٦٧ : قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ ے¼çmكJyèôـtƒ... ٥٣٩
الموضع ٦٨ : وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ ٣"tچ÷zé&... ٥٥٢
الخاتمة.... ٥٧٩
الفهارس.... ٥٨٢-٦٧٧
فهرس الآيات القرآنية.... ٥٨٣
فهرس الأحاديث النبوية.... ٦٠٠
فهرس الآثار.... ٦١٠
فهرس الأعلام المترجم لهم.... ٦١١
فهرس الفرق.... ٦٢٤
فهرس الأماكن والبلدان.... ٦٢٥
فهرس الأبيات الشعرية.... ٦٢٦
فهرس الكلمات الغريبة.... ٦٢٧
فهرس المصادر والمراجع.... ٦٣٠
فهرس الموضوعات.... ٦٧١


Icon