"الحق في هذا أنه خبر لا يجوز فيه نسخ، ولكن يتكلم العلماء بشيء فيتأول عليهم ما هو غلط؛ لأن قول قتادة: نسخت - يعني الخمر- أي نسخت إباحتها؛ وذلك لأن الله أنزل تحريمها بعد في سورة المائدة"(١).
وكذا لم يفرق الفقهاء بين المسكر المتخذ من العنب والمتخذ من النخل.
وأن ما يستخرج من العنب والنخيل منها ما هو حرام، ومنها حلال فالمحرم منها: الخمر وهي النييء من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد، ولا يشترط لها القذف بالزبد لأنه يسمى خمرا بدونه؛ ولأن السبب في فساد العقل هو الاشتداد وحرمتها ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي واضحة.
فالحلال: نبيذ التمر والزبيب إذا طبخ أدنى طبخة.
وأيضًا إذا طبخ عصير العنب فذهب ثلثاه حلال، وإن اشتدوا إذا قصد به التقوى، وإن قصد به التقوى، وإن قصد به التلهي فحرام، وهو قول الحنفية، والشافعية وخالف محمد هذا القول، وقال بالتحريم(٢).
خلاصة القول: أجمع الفقهاء على أن المسكر بالفعل فهو حرام(٣)، والشافعية، والحنابلة.
أدلة التحريم: استدل جمهور الفقهاء بأدلة من الكتاب والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقد استدلوا بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ ﴾ [المائدة: ٩٠]
أما السنة: فبالأحاديث السالفة أول المسألة.
والإجماع: بما أجمع عليه صحابة رسول الله - ﷺ - من حرمتها.
(٢) الاختيار (٤/ ١١٩).
(٣) المرجع السابق وتبيين الحقائق (٤/ ٤٤)، والبحر الرائق (٨/ ٣٩٩)، والتمهيد (١٤/ ١٤٥- ١٤٦)، نهاية المحتاج (٨/١١)، وحاشية الجمل (٥/ ١٥٧)، ومطالب أولي النهى (٩/٥).