يقول تعالى ذكره: وأوفوا بميثاق الله إذا واثقتموه، وعقده إذا عاقدتموه، فأوجبتم على أنفسكم حقاً لمن عاقدتموه به، وواثقتموه عليه، ﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾
يقول: ولا تخالفوا الأمر الذي تعاقدتم فيه الأيمان، يعني- بعد ما - شددتم الأيمان على أنفسكم حقاً لمن عاقدتموه، فتحنثوا في أيمانكم وتكذبوا فيها، وتنقضوها بعد إبرامها يقال منه: وكد فلان يمينه يوكدها توكيداً: إذا شددها، وهي لغة أهل الحجاز، وتعنى أيضاً: بعد تشديدها وتغليظها، قاله الطبري (١).
وقال البغوي: قوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ﴾، والعهد ههنا: اليمين(٢).
وقال القرطبي: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾ لفظ عام لجميع ما يعقد باللسان، ويلتزمه الإنسان من بيع أو صلة أو مواثقة في أمر موافق للديانة.
وهذه الآية مضمن قوله: ﴿ t¨bخ) اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ا ﴾، لأن المعنى فيها: افعلوا كذا، وانتهوا عن كذا، فعطف على ذلك التقدير (٣).
وقال ابن عطية(٤): وهذا في كل ما كان الثبوت فيه على اليمين طاعة لله تعالى، وما كان الإنصراف عنه أصوب في الحق (٥).
وقال ابن عاشور(٦):

(١) تفسير الطبري (٧/٦٣٦).
(٢) تفسير البغوي (٥/٣٩).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١٠/١٦٩)، والمحرر الوجيز (٨/٤٩٨).
(٤) هو: سعيد بن مَسْعَدة البلْخي، البصري، أبو الحسن، المعروف بالأخفش الأوسط، من أئمة العربية، وأحد نحاة البصرة الذين لزموا سيبويه، مات سنة (٢١٥هـ).
... انظر ترجمته: إنباه الرواة للقفطي: ٢/٣٦. وبغية الوعاة للسيوطي: ١/٥٩٠.
(٥) المحرر الوجيز (٨/٤٩٨).
(٦) هو: محمد الطاهر بن محمد بن عاشور، ولد عام (١٢٩٦هـ)، أحد علماء تونس المشهورين، له مصنَّفات مطبوعة من أشهرها تفسيره: (التحرير والتنوير) توفي سنة (١٣٩٣هـ).
... انظر ترجمته: تراجم المؤلفين التونسيين لمحمد محفوظ: ٣/٣٠٤. والأعلام للزركلي: ٦/١٧٤.


الصفحة التالية
Icon