فقوله: ﴿ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ مشاكلة لـ ﴿ عَاقَبْتُمْ ﴾، استعمل ﴿ عُوقِبْتُمْ ﴾ في معنى: عوملتم به لوقوعه بعد فعل ﴿ عَاقَبْتُمْ ﴾ فهو استعارة وجه شبهها هو المشاكلة ويجوز أن يكون ﴿ عُوقِبْتُمْ ﴾ حقيقة؛ لأن ما يلقونه من المشركين من أذى قصدوا به عقابهم. والأمر في قوله: ﴿ فَعَاقِبُوا ﴾ للوجوب باعتبار متعلقه، وهو قوله: ﴿ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ فإن عدم التجاوز في العقوبة واجب(١).
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ﴾ أيها المؤمنون مَنْ ظلمكم واعتدى عليكم، فعاقبوه بمثل الذي نالكم به ظالمكم من العقوبة، ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ ﴾ عن عقوبته لهو خير للصابرين، واحتسبتم عند الله ما نالكم به من الظلم، ووكلتم أمره إليه حتى يكون هو المتولي عقوبته، يقول: َللصبر عن عقوبته بذلك خير لأهل الصبر احتساباً وابتغاء ثواب الله، لأن الله يعوضه من الذي أراد أن يناله بانتقامه من ظالمه على ظلمه إياه من لذة الانتصار، وهو من قوله ﴿ لَهُوَ ﴾ كناية عن الصبر، وحسن ذلك، وإن لم يكن ذكر قبل ذلك الصبر؛ لدلالة قوله: ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ u ﴾ عليه) (٢).
وقال الشنقيطي: أصح القولين، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس أن لك أن تأخذ قدر حقك من غير زيادة؛ لقوله تعالى في هذه الآية: ﴿ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ الآية، وقوله: ﴿ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ (٣). وقد تطرقنا إلى الآية الكريمة وسبب نزولها.
ثانياً: معنى الحديث:
(٢) تفسير الطبري (٧/٦٦٥-٦٦٦).
(٣) أضواء البيان (٣/٣٨٧).