أن الآية كما أسلفنا تنبئ أنه لا تبعة لأحد على أحد وكلٌّ مرهون بعمله وسيحمل تبعته - بينما يدل الحديث على أن عاقلة - أي عائلة - القاتل خطأ تتحمل دية القتيل.
" الدراسة:
مسالك العلماء تجاه هذه المسألة:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام التعارض بين ظاهر الآية والحديث مسلك الجمع:
١- منهم من قال إن الحديث مخصص للآية أو مقيد - لما أطلقته ومن القائلين بذلك الإمام القرطبي - رحمه الله- فقال: " أوجب الله تعالى على لسان رسوله - ﷺ - دية الخطأ على العاقلة حتى لا يُطل دمُ الحر المسلم تعظيمًا للدماء - وأجمع أهل العلم على ذلك من غير خلاف بينهم في ذلك".
- وقال أيضاً: "ولم يعين الله تعالى في كتابه ما يعطى في الدية وإنما في الآية إيجاب الدية مطلقا وليس فيها إيجابها على العاقلة أو على القاتل وإنما أخذ ذلك من السنة ولاشك أن إيجاب المواساة على العاقلة خلاف قياس الأصول في الغرامات وضمان المتلفات والذي وجب على العاقلة لم يجب تغليظا ولا أن وزر القاتل عليهم ولكنه مواساة محضة حتى اعتقد أبوحنيفة أنها باعتبار النصرة فأوجبها على أهل ديوانه". ا. هـ(١).
- وقال ابن حجر: وتحمّل العاقلة الدية ثابت بالسنة وأجمع أهل العلم على ذلك وهو مخالف لظاهر قوله: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ لكنه خص من عمومها ذلك لما فيه من المصلحة لأن القاتل لو أخذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله؛ لأن تتابع الخطأ منه لا يؤمن - ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول".

(١) انظر: تفسيرالقرطبي (٧/١٥٧، ٥/٣١٥).


الصفحة التالية
Icon