قال البيضاوي: " ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ يبين الحجج ويمهد الشرائع فيلزمهم الحجة - وفيه دليل على أن لاوجوب قبل الشرع ". ا. هـ (١)
بينما ظاهر الحديث عن الوائدة والموؤدة أنهما في النار، والوأد إنما كان في الجاهلية قبل بعثة النبي - ﷺ -، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: ٥٨-٥٩].
" الدراسة:
دفع إيهام التعارض بين ظاهر الآية والحديث:
مسالك العلماء تجاه هذه المسألة:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض مسلك الجمع، وذلك من عدة وجوه: ـ
١- الوجه الأول: قال الجمهور من العلماء من أهل الكلام والأصول والشافعية من الفقهاء: إن أهل الفترة لايعذبون، وأطلقوا القول في ذلك، وقد صح تعذيبُ جماعةٍ من أهل الفترة.
- وأجيب عن ذلك:
أولاً: بأن الأحاديث الواردة في هذا المقام آحاد وهي ظنية الدلالة لا تعارض القطع بعدم التعذيب قبل البعثة - الثابت بالآية السالفة.
ثانياً: يجوز أن يكون تعذيب من صح تعذيُبه منهم لأمر مختص به يقتضى ذلك علمه الله تعالى ورسوله - ﷺ -، نظير ما قيل في الحكم بكفر الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام مع كونه صبيًا.
ثالثاً: وقيل أيضاً: تعذيب هؤلاء المذكورين في الأحاديث مقصور على من غير وبدل من أهل الفترة بما لا يعذر أحد بجهالته كعبادة الأوثان وتغيير الشرائع كما فعل عمرو بن لحي (٢).
(٢) روح المعاني للآلوسي(٥ / ٤) بتصرف، وانظر: مسائل الرازي (١٠/١٧)، وزاد المسير لابن الجوزي(٥/١٨)