وقوله: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾ [الشورى: ٤٠] حيث إن المثلية في الآيات الثلاث تقتضي التحكم في المقدار بعدم الزيادة أو النقص عند الاقتصاص فمن لطم واحداً علي خده لُطم بنفس القوة وبنفس القدر وفي نفس الجهة وبنفس مقدار اليد، أشياء كثيرة تستلزمها المثلية في الآيات وأنى لواحد أن يفعلها- هذا عن الآيات بينما يخرج الحديث هو فيقول: (لا قود إلا بالسيف) فإذا ضرب زيدٌ عمراً بحجر فقتله يجاء بزيد فعلى الآيات يقتص منه بالمثل فيضرب بحجربنفس القوة والاتجاه وحجم الحجر ثم تدخل معنا آية الإسراء ناهية عن الإسراف في القصاص، وعلي الحديث لا قود - قصاص - إلا بضرب العنق بالسيف فيستشكل بهذا المعني بين هذه النصوص وهو إيهام دفعه من الكتاب والسنة وبهما: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: ٨٢]
ثانياً المسلك الثاني: مسلك الترجيح:
وقد سلك فيه العلماء مسلك الردّ للحديث فقالوا: إن هذا الحديث حديث (لا قود إلا بالسيف) - حديث ضعيف ولا يحتج به هنا في الحدود والقصاص.
قال البيهقي في "السنن الكبرى" بعد أن ساق طرق هذا الحديث عن النعمان بن بشير وأبى بكرة وأبى هريرة وعليّ رضي الله عنهم: " وهذا الحديث لم يثبت له إسناد معليّ ابن هلال الطحّان(١) متروك، و سليمان بن أرقم(٢)
... انظر: التقريب (ص ٩٦١) رقم (٦٨٥٥).
(٢) سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري، ضعيف من السابعة. قال عباس الدوري عن يحيى بن عين: ليس بشيء، ليس يسوى فلساص. روى أحاديث منكرة متروك الحديث.
... انظر: التقريب (ص ٤٠٤) رقم (٢٥٤٧)، وتهذيب الكمال (١١/٣٥١ - ٣٥٤).