٣- ومنها ثبوت القصاص في القتل بالمثقلات ولا يختص بالمحددات وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا قصاص إلا في القتل بمحدد من حديد أو حجر أو خشب أو كان معروفاً بقتل الناس بالمنجنيق أو بالإلقاء في النار". ا. هـ(١)
علاوة على ما تقدم فإن أخذ القصاص من القاتل بنفس الصفة التي قتل هو عليها له ما له من التأثير في الجماعة المسلمة كي يعد ذلك زاجراً لكل من تسول له نفسه هدم البنيان الرباني لأخيه المسلم ظلماً وعدواناً.
* الخلاصة:
مما سبق من كلام العلماء نستطيع أن نخلص إلى الآتي:
١- أن الآية والحديث لا تعارض بينهما، بل إن الحديث يوضح ويوحي بأن القاتل بعمود أو بصخرة كبيرة إذا علم فلا قصاص عليه وهذا يجعله يجترئ كثيراً وهذا فيه من المفسدة ما فيه وهذا محال.
٢- أن الاختلاف بين العلماء وقع في مسألة أخذ القصاص من القاتل هل هو بالسيف فقط أم بغيره وهل القصاص من القاتل يكون بنفس الصفة التي قتل عليها أم لا؟.
٣- أن بعض من العلماء قال بأن المثلة كانت في أول الأمر مباحة ثم لما شرعت الحدود نسخت المثلة وبهذا القول لا يتعارض النصان خصوصاً وأن النهي عن المثلة عند الجمهور محمول علي غير المماثلة في القصاص(٢).
٤- أن العلماء القائلين برد الحديث وعدم صحته للاحتجاج به في مقام الحدود والقصاص هو الأقوى والأرجح لأن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
وبهذا يزول إيهام التعارض بين الآية والحديث والله تعالى أعلم.
* *... *
مسألة: التحذير من القول على الله بغير علم
سورة الإسراء (الموضع الثامن)

(١) النووي بشرح مسلم (١١/١٥٨) وانظر: أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ١٧٢) وما بعدها.
(٢) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/١٨٠)، وفتح الباري (١٢/٢٠٠).


الصفحة التالية
Icon