١- أن الآية الكريمة تحذر من تتبع الحدس بدون دليل أو برهان؛ لأن السمع والبصر والقلب جوارح ستشهد على صاحبها يوم القيامة بينما يدعو الحديث الشريف إلى الاجتهاد والحكم به فيما لا نص فيه من قبل الشارع الحكيم وعليه فلا تعارض بين الآية والحديث.
٢- وفي الآية والحديث ترغيب وترهيب - فالآية ترّهب من القول بغير علم أو بمجرد التشهي - والحديث يرغّب في الاجتهاد وإعمال العقول وإتعاب القرائح في استنباط أحكام الدين من النصوص القديمة.
٣- أن الحديث يدل على عالمية الدين الإسلامي وصلاحه لكل زمان ومكان وهذا ما لا يتأتى لو أغلق باب الاجتهاد الذي نص عليه الحديث السابق وعليه فلا تعارض بين الآية والحديث وما قصة داود وسليمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم عن الأسماع ببعيدة(١).
٤- أن الآية تنهى عن القول بما ليس علماً وأما اجتهاد الحاكم وحكمه بهذا الاجتهاد فهو علم باتفاق الفقهاء من هذه الأمة(٢).
٥- أنني لم أجد في كلام كثير من العلماء القول بوجود تعارض بين النصين بل على العكس تماماً فإن الحديث يخصص عموم الآية وليس في ذلك مندوحة للقول بأن بينهما تعارض وإن لم نذكر إلا هذا الوجه في إزالة هذا الإيهام لكفانا ذلك.
وبهذا يزول إيهام التعارض بين الآية والحديث كما ذكرت والله تعالى أعلم.
*... *... *
مسألة: التخويف بالآيات الكونية
سورة الإسراء (الموضع التاسع)
قوله تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [ الإسراء: ٥٩].
" الحديث الذي يوهم ظاهره التعارض:
(٢) انظر: الإحكام للآمدي (٢/٧٩)، وفتح الباري (١٣/٣١٩).