وقيل: "كان النبي - ﷺ - معصومًا عن المعاصى مأمون الخاتمة علمه قطعى وقبوله و(٣) وإنكاره كفر ". ا. هـ(١)
قلت: وعلى هذا التفسير يكون التثبيت في الآية هو العصمة في الحديث فيصبح بذلك النصان متعاضدان في المعنى وعليه فلا تعارض - لأنه لا يذكر التثبيت هنا إلا وينصرف الذهن إلى استحضار العصمة؟
لذا قال البغوي: " ولولا أن ثبتناك على الحق بعصمتنا لقد كدت تركن أي تميل إليهم شيئاً قليلاً أى قريباً من الفعل فإن قيل كان النبي - ﷺ - معصوماً فكيف يجوز أن يقرب مما طلبوه وما طلبوه كفر؟ قيل: كان ذلك خاطر قلب ولم يكن عزماً وقد عفا الله عز وجل عن حديث النفس.
قال قتادة: " كان النبي - ﷺ - يقول بعد ذلك: (اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين) والجواب الصحيح: هو أن الله تعالى قال: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾ وقد ثبته الله ولم يركن وهذا مثل قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ وقد تفضل عليهم فلم يتبعوا ". ا. هـ (٢).
يستفاد من كلام البغوي: أن الله ثبّت نبيه فلم يفعل ولم يركن لأن الله تعالى عصمه بهذا- يعنى بالتثبيت.
الوجه الثاني: ومنهم من فرق بين وقت نزول الآية - ووقت ورود الحديث وكذلك آية العصمة التي في المائدة وهي قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: ٦٧]

(١) أبجد العلوم للقنوجي (١/٤٣٤).
(٢) تفسيرالبغوي (٣ /١٢٧).


الصفحة التالية
Icon