في أحد الموضعين اللذين ذكر ذلك فيهما في كتابه، وفي الموضع الآخر منهما قال تعالى: ﴿ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ﴾، فكان تصحيح ما في حديث ابن عباس الموافق للآية وما في حديث صفوان في ذلك، إنما في حديث صفوان هو على الآيات التي تُعُبِّدوا بها وكان ما في حديث ابن عباس هو الآيات التي أُوعدوا بها وخوفوها، وأُنذروا بها إن لم يعملوا ما تُعُبِّدوا به، ما قد بينه لهم على لسان رسوله عليه السلام فصحَّ ذلك ما في الحديثين جميعاً، وعقلنا عن رسول الله - ﷺ - أن مراده بما في أحدهما غير مراده بما في الآخر منهما، والله نسأله التوفيق (١). انتهى.
الوجه الثاني: أن حديث صفوان فيه ضعف كما ذكر ذلك النسائي وابن كثير وغيرهما فهو لا ينتهض للمعارضة أصلاً كما سبق بيانه.
* الخلاصة
لا تعارض مطلقاً بين الآية والحديث الشريف؛ وذلك لأنه على اعتبار أن في الحديث ضعفاً كما ذكر النساني وابن كثير وغيرهما فهو لا ينتهض للتعارض، ومثله لا تُعارَض به النصوص القرآنية، وعلى اعتبار صحته ذهاباً في الرأي مع من صَحّحه من أهل الحديث كالترمذي، والحاكم فلا تعارض بينهما؛ لأن حديث ابن عباس يُحمل على الآيات الوعيدية وحديث صفوان يحمل على الآيات التعبدية فزالت الشبهة وانتفى التعارض ولله الحمد والمنة.
*... *... *
مسألة: حجِّ أهل الكهف مع عيسى عليه السلام
سورة الكهف (الموضع الأول)
قال الله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾ [الكهف: ٢٦].
الأحاديث التي توهم التعارض مع الآية:
١- ما رواه كثير بن عبد الله بن عوف(٢)
(٢) كثير بن عبدالله بن عوف المزني، المدني، ضعيف. أفرط من نسبه إلى الكذب، من السابعة.
... انظر: التقريب (ص ٨٠٨) رقم (٥٦٥٢).