قال ابن حجر: "وجوابه بأن (الصلاة أمامك) معناه أن المغرب لا تصلى هنا فلا تحتاج إلى وضوء الصلاة وكأن أسامة رضي الله عنه ظن أنه - ﷺ - نسىَ صلاةَ المغرب ورأى وقتها قد كاد أن يخرج أو خرج فأعلمه النبي - ﷺ - أنها في تلك الليلة يشرع تأخيرها لتجمع مع العشاء بالمزدلفة ولم يكن أسامةُ يعرف تلك السنّة قبل ذلك" ا. هـ (١).
* الخلاصة:
مما سبق نخلص إلى ما يلي:
١ - أن الوراء المستخدم في الآية في قوله: ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ هو بمعنى الأمام ولفظ الأمام في الحديث (الصلاة أمامك) على أصله أى أمامك في الميقات وهو المزدلفة ـ أو أمامك حكمها وهو الجمع بين الوقتين المغرب والعشاء على ما تأول به ابن حجر رحمه الله تعالى كما عرفت آنفاً.
قال ابن عطية: "قوله وراءهم هو عندى على بابه وذلك أن هذه الألفاظ إنما تجىء مراعىً بها الزمان وذلك أن الحادث المقدمَ الوجودَ هو الأمامُ وبين اليد لما يأتي بعده في الزمن والذى يأتى بعده هو الوراء وهو ما خلف وذلك بخلاف ما يظهر بادى الرأى - وتأمل هذه الألفاظ في مواضعها حيث وردت تجدها تطرد فهذه الآية معناها: إن هؤلاء وعملهم وسعيهم يأتى بعده في الزمن غصب هذا الملك ومن قرأ أمامهم أراد المكان أي أنهم كانوا يسيرون إلى بلده.... ـ وقوله - ﷺ - (الصلاة أمامك) يريد في المكان وإلا فكونهم في ذلك الوقت كأن أمام الصلاة في الزمان". ا. هـ (٢).
(٢) المحرر والوجيز (٤/٣٣٢)، وانظر تفسير القرطبي (١١/٣٤).