وقال: "لا تخالف سنة لرسول الله كتاب َالله ِبحال"(١).
قال الغزالى - رحمه الله -:
"اعلم أن التعارض هو التناقض فإن كان في خبرين فأحدهما كذب والكذب محال على الله ورسوله وإن كان في حكمين من أمر ونهى وحظر وإباحة فالجمع تكليف محال فإما أن يكون أحدهما كذبا أو يكون متأخرا ناسخا أو أمكن الجمع بينهما بالتنزيل على حالتين"(٢).
- ومما سبق يمكننا أن نخلص إلى القول بأنه لا تعارض حقيقي بين الأدلة الشرعية مطلقاً وإنما التعارض في الذهن لأسباب معينة محصورة وبالرجوع إليها واستيضاحها يزول هذا التعارض الذهني الظاهري بين القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
*... *... *
المطلب الأول: تعريف التعارض لغة واصطلاحاً
أولاً: تعريفه لغة:
تطلق مادة عرض في اللغة على معان كثيرة أشهرها:
١- المعنى الأول: المنع: يقال اعترض الشيء دون الشيء أي حال دونه(٣).
وقال الأزهري:
"يقال اعترض الشيء إذا منع كالخشبة المعترضة في الطريق تمنع السالكين سلوكها".(٤) وعلى هذا فالعارض هو المانع.
قال ابن العربي:
"اعلموا وفقكم الله تعالى أن "عرض" في كلام العرب يتصرف على معان مرجعها إلى المنع لأن كل شئ اعترض فقد منع".(٥)
فقد جعل ابن العربي - رحمه الله تعالى - عرض بمعنى المنع- مرجعاً لجميع المعاني التي تدل عليها.
قال الأزهري:
"ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ﴾ [البقرة: ٢٢٤] أي لا تجعلوا الحلف بالله معترضاً مانعاً لكم أن تبروا"(٦).
(٢) المستصفى للغزالي (٢/٤٧٧).
(٣) الصحاح للجوهري مادة عرض (٣/١٠٨٤).
(٤) تهذيب اللغة للأزهري مادة عرض (١/٢٩٣)، والقاموس المحيط للفيروز أبادي مادة عرض (ص ٨٣٢).
(٥) أحكام القرآن لابن العربي (١/٢٣٩).
(٦) تهذيب اللغة (١/٢٨٨)، والقاموس المحيط مادة عرض (ص ٨٣٣).