وفي الحديث (أن رسول الله ﷺ كان يعارض القرآن مع جبريلَ عليه السلام ُكلَّ عام وأنه عارضه في العام الذي تُوفي فيه مرتين - حتى قال رسولُ الله - ﷺ - : ولا أراه إلا حضر أجلي) (١).
قال ابن الأثير: أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن - من المعارضة وهى المقابلة(٢).
فكأن كل واحد من الدليلين يأتى في مقابل الآخر ومواجهته لا معه فهذه أبرز وأشهر معاني التعارض في اللغة - وعليها بنى الا صطلاحيون من الأصوليين تعريفهم للتعارض في الاصطلاح كما سيتضح قريباً.
ثانياً: تعريف التعارض في الاصطلاح:
تعددت تعريفات الأصوليين للتعارض اصطلاحاً وتنوعت بيد أن مرجعها جميعاً إلى الأصل اللغوي إذ هو كالأساس لها فمرجعها جميعاً إليه لأن كل واحد من الأصوليين راعى في تعريفه الاصطلاحي وجهاً من وجوه التعريف اللغوي للتعارض وها هي أقوالهم:
عرفه السرخسي فقال: هو تقابل الحجتين على سبيل المدافعة والممانعة (٣).
وعرفه ابن السبكي فقال: التعارض بين الشيئين هو تقابلهما على وجه يمنع كل منهما مقتضى صاحبه. (٤)
وعرفه الزركشي فقال: هو تقابل الدليلين على سبيل الممانعة(٥).
وعرفه ابن النجار فقال: هو تقابل الدليلين ولو عاميّن على سبيل الممانعة(٦).
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير مادة عرض (٣/٢١٢)، ومقاييس اللغة مادة عرض (٤/٢٧٨).
(٣) أصول السرخسي (٢ /١٢).
(٤) الإبهاج في شرح المنهاج لابن السبكى (٢/٢٧٣)، ونهاية السول في شرح منهاج الوصول للإسنوى(٢/٦٥٤).
(٥) البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (٦/ ١٠٩).
(٦) شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٠٥).