- وهذه الألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة - لأن الصلصال غير الحمأ، والحمأ غير التراب إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر واحد وهو التراب ومن التراب تدرجت هذه الأحوال.
ومنه قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾، وفي موضع آخر: ﴿ تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ﴾.
والجان: الصغير من الحيات والثعبان الكبير منها وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم واهتزازها وحركاتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته.
الثانى: لاختلاف الموضوع كقوله تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ وقوله: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ مع قوله تعالى: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ﴾.
- قال الحليمى: فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل، والثانية على ما يستلزم الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه.
وحمله غيره على اختلاف الأماكن لأن في القيامة مواقف كثيرة فموضع يسأل ويناقش وموضع آخر يرحم ويلطف به وموضع آخر يعنف ويوبخ وهم الكفار وموضع آخر لا يعنف وهم المؤمنون.
الثالث: اختلافهما في جهتي الفعل، كقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ﴾.
- أضاف القتل إليهم على جهة الكسب والمباشرة، ونفاه عنهم باعتبار التأثير ولهذا قال الجمهور: إن الأفعال مخلوقة لله تعالى مكتسبة للآدميين - فنفي الفعل بإحدى الجهتين لا يعارضه إثباته بالجهة الأخرى.
- وكذا قوله تعالى: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾، أي ما رميت خلقاً إذ رميت كسباً، وقيل: إن الرمي يشتمل على القبض والإرسال وهى بكسب الرامي وعلى التبليغ والإصابة وهى بفعل الله عز وجل.
- ومثله قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾.
- وقال تعالى: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾.