من أمثلة ذلك: ما ورد عن يعلي بن أمية رضي الله عنه: قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النساء: ١٠١] فقد أمن الناس لِلَّهِ فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله - ﷺ - عن ذلك فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)(١).
ففي هذا الحديث قد فهم الصحابيان الجليلان عمرُ بنُ الخطاب ويعلي بنُ أمية رضي الله عنهما من الآية أن القصر في السفر جائز لكنه مشروط بوجود الخوف من العدو - فأوهم ذلك عندهما تعارضا مع فعل النبي - ﷺ - إذ كان يقصر حتى بعد أمن الناس على أنفسهم وما ملكوا فأزال - ﷺ - عنهما ذلك الإيهام وأقرهما على ما فهما من الآية وزاد على ذلك أن هذه رخصة من الله.(٢)وهى صدقة تصدق الله تعالى بها على عباده رحمة بهم ورأفة.
"فقوله: ﴿ إِنْ خِفْتُمْ ﴾ مفهومه اختصاص القصر بالخوف أيضاً وقد سأل يعلي بن أمية الصحابي عمر بن الخطاب عن ذلك فذكر أنه سأل رسول الله - ﷺ - عن ذلك فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) أخرجه مسلم. فثبت القصر في الأمن ببيان السنة"(٣).

(١) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب: صلاة المسافرين وقصرها (١/٤٧٨، رقم ٦٨٦)، وأبو داود في كتاب: الصلاة باب: صلاة المسافر (٢/٣، رقم ١١٩٩).
(٢) انظر: اختلاف الحديث للشافعي (٧٦)، والمغنى لابن قدامة (٢/٥٤) والأم للشافعي (١/١٧٩)، وبداية المجتهد لابن رشد (١/١٢١)، ونيل الأوطار للشوكاني (٣/٢٤٥).
(٣) فتح الباري لابن حجر (٢/٤٣٠) بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon