- وبعد ظهور عصر التخصص الدقيق - والذي أصبح فيه كل علم وفن له علماؤه وأساتذته على اختلاف تخصصاتهم واهتماماتهم من مفسرين وأصوليين وفقهاء ومحدثين وغيرهم- أخذ الاهتمام بدفع موهم التعارض شكلا ونوعا آخر من الاهتمام في الوقت الذي زاد فيه تربص أعداء الحق والمتربصين بالإسلام شيئا فشيئا فوجهوا سهامهم إلى نصوص القرآن مرة - وإلى أحاديث السنة مرة واليهما مرة أخرى زاعمين أن هناك تناقضا بين الوحيين الكريمين. وهو ما يلقي بدوره العبء على العلماء العاملين حتى يأخذوا أهبة الاستعداد للذب عن مصدري التشريع - إن لم يكن أمام أدعياء هذا الدين فليكن أمام غيرهم من طالبي الحق من الأمم الأجنبية. لذا أخذت جهود العلماء في هذا المجال - أعني مجال دفع إيهام التعارض بين القرآن والسنة - تتفاوت من عالم إلى آخر- بمعنى أن العلماء المهتمين بالتأليف في علوم القرآن والسنة هم الأكثر جهوداً والأوفر حظاً في الاهتمام بدفع إيهام التعارض بين القرآن الكريم والسنة النبوية بل نجد منهم من وضع على مؤلفه صبغة دفع الاضطراب والإيهام حتى نجده قد سمى مؤلفه بهذا الاسم من هؤلاء: ابن جرير الطبري(١)