- وإنما قلنا إذا كان الدليلين يقبلان النسخ - لأنا أردنا أن ننبه على أنه ليس كل دليل من قرآن أو سنة يدخله النسخ لأن النسخ لا يدخل إلا في الأحكام وأما الأخبار فلا نسخ فيها حيث يلزم منه الكذب في خبر الشارع - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
- فقولنا يقبلان النسخ هو قيد يخرج ما لا يقبل النسخ وهو الأخبار(١).
قلت: ولابد أن يعلم ههنا أمران:
الأمر الأول:
أن النسخ متى قام عليه دليل صريح فإنه يقدم في العمل على الجمع في دفع التعارض - والجمهور عندما قدموا الجمع على النسخ إنما أرادوا بالنسخ ساعتها هو ما يثبت بالتاريخ أو بمجرد الاحتمال وأما ما يثبت بالنص كأن يرد في النص لفظه فنسخ - أو نسخ أو ما شابه ذلك من نص صريح فإن هذا يجعلنا نقول بتقديم النسخ على الجمع.
- حيث إن النسخ سيكون متحققاً والجمع محتمل - والمحقّق مقدم على المحتمل - لأنا لو حاولنا الجمع والحالة هذه - فإننا سنعطي أحد الدليلين حجة وليس له ذلك لكونه منسوخاً وهذا لم يقل به أحد فضلاً عن ركاكته ووهنه(٢).
الأمر الثاني:
(٢) انظر في ذلك الإحكام لابن حزم (٢/١٦٠-١٦١، ٤/٤٥٥) والإحكام للآمدي (١/١٩٠-١٩١).